إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 11 ديسمبر 2011

الليبرالية ليست كفرا يا من لا تقرأ!

أن تميل إلى فكر معين، سواء كان دينيا، أو ديمقراطيا أو ليبراليا أو علمانيا، فهذا ليس عيبا على الإطلاق. 

أن تختلف أو تتفق مع الآخرين حول الأفكار، فهذه سنة الحياة، والرحمة في الإختلاف! 

أما أن تكفّر وتسفّه من فكر أحد -مهما كان- فهذا هو التشدد، أو تدّعي أمورا ومفاهيم غير صحيحة على الإطلاق في أفكار واتجاهات الآخرين، فهذا هو الجهل بعينه! 

ونحن نلمس جميعا -منذ إتاحة حرية التعبير بشكل أكبر في مصر بعد الثورة- حالة من الاختلاف الشديد في الآراء بين كل أطياف المجتمع، وهذا لا يقلقني في حد ذاته، ولكن ما يرعبني حقا هو جهل وتكفير بعض التيارات الدينية لمن يخالفها الفكر، وما يقابله من الجهل المتفشي في بعض المتعلمين كذلك! 

فعندما تجد شخصا جاهلا يقول إن الليبراليين كفرة، فأنا شخصيا أعذره، لأنني أشعر أننا جميعا أسهمنا بقدر لا بأس به في جهل هذا الشخص، عندما سكتنا عن فساد الحكومات السابقة، ووافقنا ضمنيا على بقاء الجهلاء على حالهم، وقلنا لأنفسنا بشكل مباشر أوغير مباشر: "وأنا مالي"، وقد حان الآن وقت دفع ثمن جهلهم مهما كان غاليا! 

لكن أن تجد متعلما -مهندسا أو طبيبا أو موظفا محترما- يقول إن الليبراليين كفرة، فتلك هي المصيبة الكبرى! 

ومنذ أيام وجدت أحد الأصدقاء قد أضاف فيديو على الفيس بوك لسيدة في مجلس الشعب التونسي، وقد علقت الجلسة من أجل الصلاة، ومكتوب بلهجة تهكمية بجانب الفيديو: "هل يوافق الليبراليون في مصر على تعليق جلسة من أجل الصلاة؟! 

وهذا التعليق لا معنى له إلا اعتقاد هذا الشخص –وغيره- أن الليبرالية تعني قلة أو انعدام الدين!! 

والسؤال الآن: هل يعرف هؤلاء حقا معنى ومفهوم الفكر الليبرالي؟ بالطبع لا! 

الليبرالية مذهب سياسي وحركة وعي اجتماعي، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، وهى تختلف وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها، أي أن الليبرالية في أمريكا تختلف عنها في روسيا أو في مصر أو في أي بلد آخر، وفقا لنظام وتقاليد المجتمع الحالي. 

وقد تختلف أيضا في نفس البلد الواحد على مر العصور، مثال ذلك: المجتمع المصري في الخمسينيات والستينيات مختلف عن الآن تماما، فوقتها كان طبيعيا أن ترتدي السيدة فستانا قصيرا في المواصلات العامة، ولا يقوم أي شخص بالاعتداء عليها لفظا ولا فعلا، أما الآن فهذا غير وارد على الإطلاق، نظرا لاختلاف نمط المجتمع الحالي، فمفاهيم الليبرالية تختلف من زمن لزمن. 

والليبرالية أيضًا مذهب سياسي واقتصادي، ففي السياسة هي الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية بشرط عدم الإخلال بالقواعد الحاكمة للمجتمع. 

ولذلك فإن الليبرالية لا تهتم بسلوك الفرد، مادام لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار، فأن تكون منفلتا أخلاقيا فهذا شأنك، ولكن أن تؤذي بانفلاتك الآخرين فهذا ليس شأنك، وأن تكون متدينا أو ملحداً فهذا شأنك أيضا، ولكن أن تنشر دعواك المغايرة لهذا المجتمع فهذا ليس من حقك! 

خلاصة القول، أن مبدأ الليبرالية هو حرية الفرد في الاعتقاد، وفي السلوك الشخصي وفي جميع أنماط الحياة الخاصة به، دون أن تتعدي على حرية وأنماط حيوات الآخرين، وفي رأيي فإن هذا هو جوهر الإسلام، فقد قال الله تعالي (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فقمة الليبرالية تتجسد في هذا الآية القصيرة العميقة بكل معاني الكلمات! 

أما أن تعتقد أن الشخص الليبرالي كافر، أو لا يصلي، أو لا يؤدي فرائض دينه، فعليك أن تصمت إلى أن تعرف وتفهم وتعي جيدا. 

إن من أهم مفاهيم الليبرالية ترك الفرد وشأنه مع ربه سبحانه وتعالى، دون أن تنصب نفسك حكما على النوايا، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يحاسب على النوايا، ولذا فإن اللبرالي لا يخشى إلا الله ولا يهتم بما دون ذلك أبدا. 

فعلى كل مسلم ينشر الدعاوى الكاذبة والمغايرة للحقيقة أن يقوم بتفعيل معني أول آية من آيات القران الكريم وهي "اقرأ" اقرأ قبل أن تتهم الآخرين بالباطل، وتنشر فكرا كاذبا! 

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

مبروك لمصر الديمقراطية الجديدة!

تابعت برنامج مجدي الجلاد مع حازم أبو إسماعيل -مرشح رئاسة مصر للأسف- كما تابعت الكثيرين ممن على شاكلته، مثل المدعو الشحات وغيره، وقد لاحظت تركيز هؤلاء على أهم مشكلة تواجه جمهورية مصر العربية في المرحلة الحالية، وهي "الستات"!

ولا يمكنني أن أفهم على الإطلاق مدى أهمية وخطورة حجاب المرأة من عدمه لهؤلاء الشيوخ الذين اقتحموا الحياة السياسية في مصر عنوة، وبمنتهي الجهل السياسي، إلا في ضوء معاناتهم من مشكلة نفسية مع المرأة بشكل عام!! 

أيها المتأسلمين: هل سيحل الخراب علينا إذا لم تتحجب القلة القليلة الباقية من نساء مصر؟!

ألهذه الدرجة لا تؤمنون بحرية الشعوب في اختيار طريقة عيشهم وارتدائهم لملابسهم ؟!

وهل فكرتهم في غير المسلمين الذين يشاركوننا العيش في هذا الوطن؟!

ثم ما هي الفائدة العظمى التي ستعود على الإسلام إن تحجبت امرأة؟!

وما الفائدة التي قد تعود علينا كشعب، إذا تحجبت امراة وهى غير مقتنعة بهذه الخطوة وغير راضية عنها؟!

وهل يُرضي الله سبحانه وتعالى أن يؤدي فرد مسلم صلاته دون أن يشعر بها؟!

ألم يطلب الله تعالى منا في الصلاة الخشوع؟ وما معني الخشوع؟ أليست هي الحالة التي يجب أن يصل إليها المُصلي في صلاته حتى تكون خالصة لله تعالي؟

فكيف يا شيوخ الإسلام أخشع في صلاة قد أُجبرت عليها -تماما مثل الحجاب- كيف أشعر أنني ضحيت بقدر من حريتي لله تعالي وقد أجبرت على ذلك؟ هل هذا هو الإسلام؟ هل هذا هو الخشوع؟ هل هذا ما يريده الله منا؟

إن الله تعالى غنيٌ عنا جميعًا، وغنيٌ عن كل مسلم لا يطيعه بقناعة ورضا تامين، دون أي إجبار أو ضغط عليه.
قال الله تعالي في كتابه العزيز "فذكّر إنما أنت مُذكّر لست عليهم بمسيطر". 
فالله سبحانه وتعالى يقول للرسول "ذكّر" و لا "تسيطر" وأنتم تسيطرون؟ فهل أنتم أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم؟!

وبعد يوم واحد من نجاحه في انتخابات البرلمان، طلع علينا الشحات بفتوى جديدة ورأي عبقري عظيم، حيث يرى أن أدب نجيب محفوظ يحض على الرذيلة والفُجر والدعارة !!

وأنا أراهن أن الأخ الشحات لم يقرأ رواية واحدة للأديب العظيم من قبل، وإذا كان قد قرأ فلا أعتقد أنه فهم أي سطر منها، لأنه لو كان قد فهم، لكان مستحيلا بالنسبة له أن يتفوه بمثل هذه التفاهات!! 

وهو نفسه الشحات الذي وصف الديمقراطية بالكفر -الديمقراطية التي بلتنا به هو وأمثاله من مدّعي التأسلم- الشحات الذي صرّح من قبل لمن يجد تحت بيته أثرا من أثار مصر القديمة، أن يأخذه لنفسه حلالا بلالا، بشرط أن يطمس ملامحه، لأن الآثار أصنام محرمة!!

..ألا يرى الشحات وأبو إسماعيل في مصر شيئا أكثر أهمية يشغلون بالهم به غير ملابس الناسء وإباحة سرقة الآثار
أم أنهم لا يملكون من الفكر، ما هو أعمق وأهم من هذا؟

تماماً كما قام العبقري الآخر، أبو إسماعيل بقدح زناد فكره، وتفسير كلمة 
pepsi على أنها اختصار لجملة "pay every penny to save Israel"!


وبدل أن يخرج لنا هؤلاء العباقرة برنامجا منظما، يشرحون فيه كيفية النهوض بمصر، وكيف سنقضي على الفقر والبطالة، وكيف سنقوّي اقتصاد البلد، وكيف ننهض بالتعليم، وكيف نقضي على الجهل، وكيف ننشط السياحة، فإنهم يشغلون أنفسهم بحجاب النساء وخطط سرقة الآثار وتغطية التماثيل في الشوارع ومعاني أسماء المياه الغازية!
فيا له من مستقبل مبهر ينتظر مصر والمصريين!

ومبروك لكل من صوّت للشحات، وسوف يصوّت لإسماعيل، وها هي الفرصة قد جاءتكم لتتجهوا فورا للمناطق الأثرية في مصر، وتنهبوها، فهي حلال حلال حلال، ولا تنسوا أن تغطوا شعور نسوانكم لأنها حرام حرام حرام!

ومرحبا بالديمقراطية الجديدة

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

لمّ الزبالة دي يا ابني!

بالنسبة للمبادرة العالمية المصرية اللولبية الي موجودة على الفيس بوك لجمع الزبالة من الشوارع، بالطبع مش عشان نرميها في مقلب الزبالة والعياذ بالله، لا دي عشان نجمعها بالصلاة على النبي كده ونرميها قصاد الحي، قال يعني عشان نقول لهم كده عيب يا رجالة، لموا زبالتنا أول بأول والنبي!
هذه المبادرة التي لا تخرج إلا من مواطن مصري أصيل، يفهم جيدا معنى وقيمة الزبالة! 

يعني فكرتوا فكرتوا وطلعتوا بالحل العبقري ده، طب جبتوه منين بالذمة؟!

وبهذه المناسبة الجليلة، أحب أنوه وأنبه لخبر لطيف قوي،لا مؤاخذة يعني صناديق الزبالة الموجودة في الشوارع لأسف مش معمولة عشان نرمي فيها زبالة بيوتنا، الخبر اللطيف إن الصناديق دي معمولة عشان نرمي فيها الزبالة بتاعتنا وإحنا ماشيين في الشارع يا سيدي، يعني علبة مناديل ولا كيس شيبسي ولا علبة سجاير، بدل ما إحنا بنطوحها كد من شباك العربية أو بنرميها في الشارع وإحنا ماشيين، رغم إنها بتبقى والله قدامنا، بس نعمل إيه بقى اتعمينا في عنينا!

والخبر الألطف بقي إن الحي ييلم الزبالة من الصناديق دي مرتين في اليوم، مرة الصبح بدري، ومرة تانية في آخر اليوم، والمعلومة دي أنا فضلت متابعاها أكتر من شهر من ساعة ما قرأت عن فكرة رمي الزبالة قصاد الحي!

والجميل بقى إن مع متابعتي لهذه العملية اليومية، وجدت إن في كل مرة يقوم الحي بجمع القمامة وكنس الشارع بعدها، لأن طبعا البهوات اللي بيرموا الزبالة أو -بيطوحوها تحديدا- بيفرشوا المنطقة كلها بزبالتهم، ولذلك يجب كنس المنطقة المجاورة للصندوق! وإن في خلال ساعات يبدأ المواطن المصري الجميل في رمي المزيد من القمامة في سرعة مبهرة، كما لو كان في سباق لرمي زبالته قبل الجيران، والألطف بقى إن الزبالة كلها بتكون زبالة البيت، وليس كيس الشيبسي اللي في إيده، أهو توفير للخمسة جنيه اللي بياخدها الزبال من لم الزبالة من البيوت!

ولو فرضنا إن العملية دي مش بتحصل في كل المناطق زي ما الأخ الفلوط اللي بيقرأ الكلام ده ما هيقول دلوقتي، ماشي موافقة بس المناطق اللي بيحصل فيها كده، إيه حجتهم بقى إن شاء الله كده؟؟؟

الزبالة يا إخوانا فينا، في دمنا، ضمن ثقافتنا اللي تعلمناها علي مر السنين، رمي الزبالة في الشوارع سمة من سمات المواطن المصري، سمة متأصلة، نتعلمها ونعلمها لأولادنا عندما نمارسها كل يوم في الشارع!

ولم نعد نكتفي الآن برمي زبالتنا اليومية في الطريق، بل تخطينا هذا الأمر وأصبحنا نقوم الآن بحمل زبالة بيوتنا على قلبنا، والنزول بها للشارع بكل فخر ورميها بجانب أقرب صندوق زبالة يقابلنا

وبكل بجاحة زعلانين من الحي وبنلومه إنه مش بيجي كل ساعة يلم زبالتنا!
إزاي صحيح يعملوا كده ولاد التيت دول؟!!

مشكلتنا مش في الحي يا مصريين يا مثقفين، يا بتوع الفيس بوك وأصحاب الفكرة الخزعبلية دي، مشكلتنا فينا إحنا، مشكلتنا إننا مش شايفين مشكلتنا، أو مش عايزين نشوفها، وبدل ما نحاول نحل المشكلة، بنعلقها على الحي الي دايما عايزين نشوفه انه فاسد ضمن منظومة فساد أكبر، وننادي جميعا بكل فخر ونقول، لم يا ابني الزبالة وجمعها قصاد الحي التيت ابن التيت ده!

مافيش فايده !

السبت، 24 سبتمبر 2011

كشك السجاير اللي على الناصية

شاهدنا منذ أسابيع تسلق بعض لصوص المواسير للسفارة الإسرائيلية، وللحق فإننا قد وقفنا نصفق لهم جميعا، ومع خوفي وقلقي بعد هذا الحدث، فإنني كنت أتصور أني في مأمن من اللصوص، لأن العمارة التي أسكنها ليست بها مواسير خارجية، وكنت أتصور أن ذلك كافٍ لعدم تسلق اللصوص لشقتنا، ولكن بعد ما حدث، أيقنت أن الاستعراض الخطير الذي شاهدناه جميعاً، من السهل جدا دراسته وتكراره، خاصة أن شقتنا في الدور الرابع فقط، والمخيف هو إمكانية وجود حشد من الجيران، يقف ليتابع هذا السيرك، مع احتمالية التصفيق لمرتكبه هو الآخر!!

والجديد في المرة الثانية، هو تكرار نفس المنافسة، وفى الحقيقة أعتقد أنها قد تكون مسابقة عالمية، لتحقيق مركز جديد في موسوعة جينس ريكورد للأرقام القياسية، الهدف منها الفوز باللقب الجديد، بعد فوز الشحات أو مصطفي أو أيا كان اسم المتسلق الأول!!

ولعل ما حدث أمرٌ طبيعي للغاية، خاصة بعد تكريم المحافظ للشاب الأول، وتسليمه شقة مقابل عملية التسلق الباهرة، وهو ما يعبّر مرة أخرى عن انفصام الشخصية الذي تعاني منه الحكومة المصرية، حيث إنه أمر غير مفهوم -بالنسبة لي على الأقل- أن تنتقد الحكومة والمجلس عملية إنزال العلم من على المبني، وفي نفس ذات الوقت تشجع فاعله وتقدم له شقة! ثم لا نتوقع تكرار العملية كل يوم، خاصة فى ظل أزمة السكن التي يعاني منه أغلب شباب مصر!!

والغريب أنه حين يقوم شخص آخر بمعاودة المحاولة الانتحارية، للفوز بشقة، أقصد للفوز بلقب إنزال العلم للمرة الثانية، تغضب الحكومة، وتصف المحاولة هذه المرة بالعمل غير المسئول، شيء عجيب في الحقيقة!

أما الشيء الأغرب فهي عملية اقتحام كشك السجاير الموجود بالمبني، أقصد السفارة، حيث إن سهولة الاقتحام كانت تشبه سهولة اقتحام كشك سجاير في الشارع، صاحبه غايب!!

ومما لا شك فيه، أن هناك أمرا مريبا وغريبا وغير مفهوم في أحداث السفارة الأخيرة، بداية من تشجيع الحكومة لأمر اشبه بالسرقة من وجهة نظري، مهما كانت طهارة الغرض، وصولا للغضب في تكرار العملية للمرة الثانية! اشمعنى يعني؟ ولا هو الشحات كان على رأسه ريشه؟!

وأخيرا هناك شيء لا يمكن إغفاله، وهو التشابه –من حيث السهولة وتخاذل قوات الأمن- بين اقتحام السفارة واقتحام مقر أمن الدولة السابق، وفرحة الثوار بالأوراق التي وجدوها في أثناء الاقتحامين، والتي لا نعلم حتى الآن أين هي!

والسؤال الآن: أين هي الأوراق المهمة جدا –كما قالوا- التي والتي وجدها الثوار في مخزن الأوارق الخاص بالسفارة؟!!

الأحد، 11 سبتمبر 2011

البطل أردوغان

أقرأ كثيرا هذه الأيام عن أردوغان الذي اعتبره المصريون -دون باقي العالم- بطلا، ليس لأنه أوصل بلاده إلى كل ما وصلت إليه من تكنولوجيا وقوة وعلم وعلم وعلم -والتي أعتبرها شخصيًا هي البطولة الحقيقية التي فعلها أردوغان- ولكن لأنه طرد السفير الإسرائيلي من بلاده، في الوقت الذي انتظر المصريون هذه الخطوة من حكومتهم، فلم تبلّ ريقهم وتحقق لهم حلما غاليا، وإنما أحبطتهم أشد الإحباط!!

وبصرف النظر عن السبب السياسي وراء طرد أردوغان لسفير إسرائيل من بلاده، والذي لا يعنيني الآن على الإطلاق، فإن ما أندهش له بشكل كبير، أن هؤلاء الذين يعتبرون أردوغان بطلا، ويعتبرون تركيا رمز القوة للمسلمين في هذه الفترة، هم نفس الأشخاص الذين يتهمون العلمانيين بالكفر والإلحاد كذبًا، وينسون أو يتناسون تمامًا أن تركيا بأكملها بلد علمانية 100%، ألم يفكر أحد في هذا؟

ألم يفكر أحد لماذا أصبحت تركيا بهذه القوة الآن؟

هؤلاء الذين يطالبون بتحويل مصر إلى بلد إسلامي أسوة بالسعودية وإيران، ويدّعون كذباً أيضا أن تخلفنا الاقتصادي والسياسي الآن بسبب عدم تطبيقنا الشريعة الإسلامية على حق، هؤلاء الذين يظنون أن البلاء الذي وقعنا فيه، هو ابتلاء من الله تعالي، لأننا ابتعدنا عن إسلامنا وديننا وجهادنا في سبيل الدين، وهم نفس الأشخاص الذين يمجدون أردوغان وتركيا، عجبًا!

ألم يفكر هؤلاء أن هذا الانحدار الأخلاقي والثقافي والعلمي والسياسي، ما هو إلا نتاج لتجاهلنا مبدأ العمل والعلم الذي تبنته تركيا منذ أعوام، ليست طويلة في عمر الشعوب؟

ألم يفكر هؤلاء أن القوة التي وصلت إليها تركيا الآن، القوة التي جعلتها تنافس وتحارب ليس فقط إسرائيل -فكلنا نعلم أن من يحارب إسرائيل، إنما يحارب أمريكا نفسها!- هي قوة العلم الذي وصلت إليه، والذي جعلتها تقف رأسا برأس أمام أكبر وأقوى بلدان العالم؟!

الم يتذكر أحد أن أردوغان عندما سؤال عن موقفه مما يحدث فى سوريا قال بالنص في كلمة له امام المؤتمر العام لاتحاد الغرف التجارية "نصحنا الرئيس بشار الاسد بأن يكون حذراً في مواجهة الاستفزازات وأن يتفادى استخدام القوة وتنفيذ الإصلاحات " لو حدث أن قال أحد من المجلس العسكرى أو أى شخص مصري هذا الرأي لنقلبت الدنيا عليه، وأعتبرنا موقفه ضعيف، وأتهمناه أنه فل من فلول النظام ! ولكن بالعكس لم يصف أحد موقف اردوغان بالضعيف ! وهو بالفعل ليس كذلك، بل هو موقف يعكس مصلحة بلاده ليس أكثر !

فيجب علينا جميعا أن نعلم أننا لن نحصل على قوتنا أبدا بمجرد طرد سفير أي بلد، حتى وإن كانت إسرائيل، كما لن نحصل عليها بالتنطيط أمام السفارات، ولا برشق العساكر بالطوب وتكسير الحوائط والجدران، ولا بالصراخ أمام كاميرات العالم كله، ولا عند انتظار البطل أردوغان على أبواب كل مطارات العالم!

قوتنا سوف نحصل عليها، فقط إذا اجتمعنا على كلمة سواء، وهي كلمة قوة العلم والعمل، ولن ينصت إلينا العالم كله ولن يخافنا ويهابنا إلا في هذه الحالة فقط.

الأحد، 21 أغسطس 2011

وانتهى شهر العسل يا عزيزة!

كتبت منذ بضعة أشهر أتساءل: هل هناك إمكانية لوجود أي نوع من التحالف أو الاتفاق بين الإسلاميين -بمختلف أسمائهم- والمجلس العسكري، لتسهيل وصول الإسلاميين للحكم في مصر بعد الثورة؟. وما كان يغذي هذا الشك باستمرار، هو الوئام و التوافق والمغازلة الدائمة من قبل الإسلاميين -والإخوان تحديداً- للمجلس العسكري، حتى إنني كنت أسأل نفسي سؤالا لا يقل أهمية: امتى بقى حد فيهم يقلب على التاني؟!
وأخيرا جاء الرد سريعاً، عندما بدأ الغضب على المجلس بسبب استدعاء الناشطة أسماء محفوظ للتحقيق معها في النيابة العسكرية، فقامت جماعة الإخوان بدعم المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية حازم أبو إسماعيل – اللي طبعا مش إخوان خالص!– وإعلان الحرب على المجلس العسكري!
وبصرف النظر عن قضية أسماء، وإحالة المدنيين للمحاكم العسكرية -لأنني أعتقد أن الجماعات الإسلامية والإخوان وأبو إسماعيل، لم ينتفضوا لهذا السبب على الإطلاق، بل وجدوها حجة للانتفاضة، وكسب تأيد الشارع السياسي وشباب الثورة لهم، خاصة بعد أن فقدوا الكثير من التأييد بعد مليونيتهم الماضية- فإن الانتفاضة الحقيقية هي رفضهم المبادئ فوق الدستورية، التي تبنتها جميع القوة السياسية المدنية في الأيام الماضية!
ولأن هذه المبادئ لا تصب على الإطلاق في مصلحتهم، فقد فقالوا "أهي فرصة بقي نعمل نفسنا ضد المجلس طالما سيكون هو ضدنا"!
والدليل على ذلك، عدم انتفاضهم من قبل عندما أعلن المجلس قبل ذالك أن حركة 6 إبريل ممولة من الخارج، وأنهم يعملون ضد مصلحة الوطن، وعلى الرغم من رفض هذا التصريح من قبل جميع الأطياف السياسة في ذالك الوقت، فإننا لم نر أي نوع من البيانات التي تشجب من قبل هذه الجماعات، مع أنه كان الأولى بالرفض إن شئنا الإنصاف!
يعني اشمعنى أسماء اللي زعلتهم قوي كده؟
أم أن هذا جريٌ على عرفهم، من الانتصاف للنساء وحدهم دون أي جنس آخر على كوكب الأرض، وليس "عايز أختي كاميليا" و"عايز أختي عبير" ببعيد!!!
وهل المحاكمة العسكرية للمدنيين أخطر من أن يقول المجلس إن مجموعة كبيرة من شباب الثورة ممولون من الخارج؟
وألم يئن الأوان ليفهم المصريون أن هذه الجماعات إنما تتعامل وفق أجنداتها الخاصة، ولا تسعى لغير أهدافها ومصالحها الشخصية فحسب، دون أن يفكروا ولو لحظة في مصلحة الوطن؟!
ألم يئن الأوان لنعرف من هو الممول حقا من الخارج ويعمل ضد مصلحة الوطن؟
ثم ماذا يعني أن يطالب الظواهري المصريين بإقامة حكم إسلامي في مصر؟
وماذا يعني بالحكم الإسلامي؟
أهو الحكم الذي قاموا بتطبيقه في أفغانستان؟
وهل يرى أن تجربة أفغانستان مثمرة، حتى يريد منا أن ننعم بنفس الثمار في مصر؟
ألا توجد علاقة بين طلب الظواهري وحرب أبو إسماعيل وتنديد الإخوان وتهديد المجلس العسكري؟!
وهل إذا كان المجلس قد حقق مع أسماء محفوظ، قبل أسبوعين فقط، بينما كان الجدل مشتعلا حول المبادئ فوق الدستورية، كان رد فعل الإسلاميين سيكون هو نفس ردّهم الآن؟
فإذا كانت هناك حرب، لابد من خوضها لصالح هذا البلد، فلابد أن تكون ضد هؤلاء، وليس ضد المجلس العسكري، على الرغم من بعض تصرفاته التي لا يجدها الكثيرون منا مناسبة للمرحلة.

الخميس، 4 أغسطس 2011

العجوز التي سوف نحاسب عليها جميعا!!!

تعودت أن أشاهدها مصادفة من حين لآخر، ترتدي نفس الجلباب الأسود، والطرحة التي لم يعد لها لون محدد الآن، فقد مرّ على ارتدائها لها سنوات طويلة، وليست كأي سنوات، ولكنها سنوات من الفقر والحرمان!

واليوم رأيتها تمر بجانب الصندوق الكبير الموجود على جانب الشارع الذي أسكن به، والذي لا يختلف حاله عن الصناديق التي تمتلئ بها شوارعنا جميعا، فهو منتفخ ومقلوب من كثرة القمامة التي تملؤه، وتفيض علي جانبيه!

كانت تتجول حوله أكثر من مرة، بتردد وبقايا كبرياء وخجل يملأ عينيها، لعله كل ما تبقى لها من أيام الزمن الجميل، تنظر للمارة من حولها، حتى تطمئن إلى أن أحدا لا يراها، وهو ما يكون صحيحا بالمناسبة، فلا أحد كان يشعر بها أو رآها، حتى لو تصادف ومر من أمامها بالفعل، لأن الشعور بها -أو بمن كان مثلها- قد أصبح رفاهية لدى بعض الناس!!

أكاد أرى عينيها الذائغتين في كل مكان، فرغم كل شيء، كانت ما تزال تخشى أن يراها أحد، ويديها الصغيرتين المرتعشتين المترددتين، وملامح وجهها التي لا شك تحمل ألمًا عظيمًا، وجوعا أعظم!في النهاية، تستجمع بقايا شجاعتها، التي تخلّفت لديها بعد أن عاشت خائفة من كل شيء، حتى ولو كانت على يقين من أنها لا تملك ما يستحق الخوف عليه، وتبدأ البحث، ليس عن شخص تعرفه هذه المرة، بل عن أي شيء يمكنها أن تأكله من هذا الصندوق الأسود الكبير!!

نعم، كانت تفتش عن أي شيء، حتى ولو كان متعفنًا، حتى ولو كان بواقي البواقي، وقد هانت عليها نفسها لدرجة لم تحاول معها أن تطرد القطة التي مرت بجوار جلبابها، وقفزت للصندوق، تشاركها البحث عن لقمة عيش، وبدت كلتاهما وجهان لعملة واحدة، عملة الفقر والعوز والوقوف خارج طابور اهتمامات أولي لأمر!ظلت السيدة العجوز تبحث طويلا في الصندوق، وتجمع في الكيس الأسود الصغير الذي تحمله، ما تلتقطه يداها من فتات الطعام، وهي تقبض عليه بقوة على الرغم من ضعفها، حتى بدا أنها جمعت ما يكفيها ليومين، فتوقفت، ولعلها كانت تخشى إن هي جمعت ما يكفي ليوم واحد، ألا تقوى في اليوم التالي على مشقة السيرة مرة أخرى للصندوق، فتموت جوعا!

كانت على وجهها الآن ملامح الرضا والامتنان للخالق الوهاب، الذي لم ينس من كانت مثلها، على ضعفه وقلة شأنها، وبينما كانت تهم بالعودة من حيث أتت، بخطواتها المتعثرة، ولهفتها على تناول الكنز الذي اكتشفته، كنت أكاد أسمعها وهي تحمد الله، وتشكره على الستر!!!

كانت عيناي الآن تدمعان، ولا تقويان على متابعة مسيرتها الصامتة أكثر من هذا، من كثرة الألم الذي كنت أشعر به، أكاد أغمضها حتى لا أرى المزيد من هذه الحياة القاسية!

بل وحاولت أن أسرع في خطواتي، حتى أتخلص من تأنيب الضمير الذي شعرت به بسببها، فأنساها بعد دقائق، ولكني لم أستطع الحركة، توقفت قدماي ولم تتمكنا من السير أكثر من بضع خطوات، ثم وجدتني ألتفت إليها مرة أخرى، أتابعها، وأتابع خطواتها الضعيفة، الرقيقة، وأكاد أذهب إليها ولو حتى لحمل الكيس الصغير عنها، ولكنني للمرة الثانية لم أستطع حتى الحركة!!

لقد كان الألم الذي أشعر به من أجلها، يمنعني حتى من إيذائها بعيني، فقد خشيت أن أجرحها، عندما تعلم أنني أشاهدها وهي تبحث في قمامتى لتسد جوعها!!!لقد قتلتني تماما، فلم أعد أقوى على النظر ناحيتها، فلن أتحمل نظرتها وهي تقول لي بعينيها "أنتم الذين تركتموني لأصل لهذه الحال، إن ضميركم وتعاطفكم معي وحدهما لا يكفيان لسد جوعي كل يوم!"

أيتها العجوز العزيزة، معك كل الحق!وسوف يحاسبنا الله سبحانه وتعالى حسابا عسيرا بسببك، وبسبب كل عجوز غفلنا عنها، حتى لم يعد أمامها من وسيلة للتشبث بالحياة إلا اللجوء لصناديق القمامة، في حين تظلين تسعين على الأرض، في شقاء ومعاناة، حتى يحين أجلك، فترحلين غير آسفة على دنيا مثل هذه، تاركة الصندوق خلفك لعجوز أخرى!!!!!!

حاسبوا انفسكم، قبل أن تحاسبوا!

الخميس، 28 يوليو 2011

بلطجية التحرير وجزمة الإخوان!!


منذ بضعة أسابيع وأنا أقرأ وأتابع تصريحات وحوارات كثيرة من الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية والسلفية المختلفة، بخصوص وجهة نظرهم في المظاهرات الشعبية ومعتصمي التحرير هذه الأيام.

ولا أعلم لماذا كنت أتذكر دائما، تلك الفتاوى التي كنا نسمعها في بداية الثورة، خاصة من الأخوة السلفيين والجماعات الإسلامية -وليس الأخوان- والتي كانت تدور حول أن الخروج على الحاكم حرام شرعاً، وأن المظاهرات حرام شراعاً وفتنة والعياذ بالله، والمشاركة فيها حرام شرعاً أيضًا!!

لكن المضحك لم يكن تلك الفتاوى نفسها -رغم كونها كوميدية للغاية!- ولكن وجهة نظر بعض هؤلاء الشيوخ العظام بعد نجاح الثورة في الفترة الأولى، عندما انهالوا علينا بتصريحات مضادة لتصريحاتهم الأولى، وحاولوا الادعاء الكاذب بأنهم شاركوا في الثورة منذ اليوم الأول، وباركوها!!!

الله!! إنتم مش قلتم يا مولانا إن الخروج علي الحاكم حرام شرعاً؟! قال لك لأ، الأمر هنا مختلف، فإذا كان الحاكم فاسدا وظالما فيجب -شرعًا برضه على فكرة!! – الخروج عليه وخلعه، ولأن مبارك حاكم فاسد فلذلك يجب الخروج عليه!!

ده علي أساس طبعاً أنهم لما طلعوا الفتاوى الأولى في بداية الثورة، ما كانوش عارفين إنه فاسد، لكن دلوقتي والحمد لله عرفوا !!

طيب جميل، وإيه المشكلة بقى؟

المشكلة أن الذين قالوا في البداية حرام، ثم قالوا حلال، هم نفسهم الذين يقولون "لأ دي طلعت حرام"! ثم انهالوا علينا تاني -تاني تاني على رأي حليم!- بالفتاوى والتصريحات، وانضم إليهم الإخوان بدورهم، قبل أن يخونوا ويكفروا كل من يعتصم أو يشارك في مسيرات أو مظاهرات التحرير، وصولا للادعاء بأن المتواجدين في التحرير جميعهم بلطجية!!!

فالشيخ عاصم عبد الماجد -المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية- يوم الجمعة 22 يوليو، يصرّح بأن المتواجدين في التحرير ما هم إلا مجموعة من العلمانيين، وأنهم يدفعون للبلطجي الواحد بميدان التحرير 5 آلاف جنيه فى الليلة الواحدة، فضلا عن المخدرات، والاختلاط المشين في الميدان!!

وتابع: «هؤلاء لا يعرفون الحرية وإنما يريدون فرقة هذا الوطن لصالح أسيادهم الذين دفعوا لهم ربع مليار جنيه مصري من أجل تخريب هذا الوطن وإشاعة الفوضى فيه».

سبحان الله!

ولا أعلم لماذا تذكرت الأخ طلعت ذكريا، عندما خرج علينا أيام الثورة مؤكداً أن الثوار في التحرير يتعاطون المخدرات وييمارسون الرزيلة عيانا جهارا -على يدّي.. كان الثوار قاعدين هنا.. والموزة قاعدة هنا!!- ثم عاد كالعيل الصغير بعد نجاح الثورة وانزياح حاميه وسيده ليقول إحنا آسفين يا تحرير، أصل النظام ضحك عليا وغوّاني وشربني حاجة أصفرا عشان أقول كده!!

لكن الجديد حقا، أن الأخوان انضموا هم الآخرون لسباق الطعن في الأخوة المتظاهرين، وخوّنوا وكفّروا أم اللي طلع المظاهرات الأخيرة!!

ثم عاد الأخ العوا ليقول نفس الكلام، على كل من تسوّل له نفسه المريضة الخروج في المظاهرات، مشيراً إلى مظاهرات 8 يوليو، وفشل مظاهرات جمعة الغضب الثانية يوم 27 مايو الماضي –رغم أنها لم تفشل!- وطالب الشعب بعدم المشاركة في المظاهرات، بل وهددنا جميعا بالنزول إلى التحرير في حالة المطالبة بتغيير الدستور الأول قبل الانتخابات!

تعالوا نفكر شوية: هي ليه العالم دي بتغيّر كلامها؟

مع إن الفنان أحمد ماهر قال قبل كده "الراجل مش بس بكلمته"، قطعاُ هو ليس بكلمته ولكن بمصالحه وفايدته!

ليه بقي؟ أقول لك ليه يا سيدي: في رأيي المتواضع، لأن مصلحة الأخوان في الوقت الحالي لا تتفق مع فكرة الدستور أولاً، لأن الناس اختارت الدين في غزوة الصناديق كما قيل من قبل، ولأن تغيير الدستور أولا سوف يتيح لجميع الأطياف السياسية بالمشاركة -بشكل أو بآخر- في وضع الدستور، والأرجح أنه سيكون دستورا مدنيا، وهو عكس ما تريده الجماعات السلفية والأخوان والعوا –مع إنه حلف 100 مرة وقال إنه مش أخوان– على طول الخط!

أما إذا سارت الأمور كما يريدون، دون مظاهرات ووجع دماغ، فسيكون السيناريو كالآتي: تنطلق الانتخابات البرلمانية، ويستحوذ الإخوان على أغلبية المقاعد، ويضعون بأنفسهم الدستور، فتكون تلك بداية طمس الهوية المصرية الفرعونية، وتلبيس طاقية البلد العربية الإسلامية لرأس –وعقول!!- المصريين!!

ولأن الشعب المصري شعب متدين بطبيعته، فللمرة الثانية بعد الثورة، يلعبون على الناس البسطاء، ووتر الدين والتدين، ويروجون أن الذين يطالبون بالدستور أولاً هم العلمانيون الكفرة- من وجهة نظرهم طبعاً- والأقباط المصريين وأقباط المهجر الذين يتحركون وفق أجندات أمريكية ويهودية، ولا يريدون الخير لمصر، لأنهم يغارون منها ومن المسلمين!!!

وبعد الوصول إلي الحكم، اللي هيختلف معاهم مالوش عندهم غير الجزمة، كما صرح المرشد العام السابق للإخوان المسلمين مهدي عاكف ذات يوم!!

والحقيقة أنني لا مع المظاهرات ولا ضدها، ولست ضد أي فكر يختلف معي، ولكني بالتأكيد ضد أي محاولة لتكفير أو تخوين أي مواطن مصري شريف، له رأي في سياسة بلده، ومش عشان اختلفت معاه، يبقى عميل وابن تيت!!!!

ملحوظة: بالمناسبة بعد الإنتهاء من كتابة المقالة ، وجدت عصام العريان في جريدة روز اليوسف بتاريخ 28 يوليو، يقول "سنقتل كل من يفسد جمعة «الهوية والاستقرار» أو نقطع يده". وأي حد مش متابع المظاهرات طبعاً يقدر يخمن كويس أن معني كده إن الأخوان نازلين مظاهرات يوم الجمعة القادمة، وباين عليها حلال المرة دي !!

الاثنين، 18 يوليو 2011

الغازية لازم ترحل

أبهرنا الشيخ الحويني كعادته دائماً، بالفتاوى والأفكار اللولبية العظيمة وآرائه الفتّاكة، عندما سُئل في قناة من القنوات التي لا أعرف من يقوم بتمويلها، وتطلع علينا كل يوم بنبغة من نوابغ العصور الوسطي، وفي تلك الحلقة العظيمة، وكان السؤال عن أهم وأخطر القضايا التي تؤرق المجتمع الإسلامي، ألا وهي رأي رجل الأعمال ساويرس في النقاب، والصورة الكاريكاتورية التي وضعها لحظه السيئ على موقع تويتر!!

وكان رأي الحويني مبهرا كالعادة! حيث انتهز هذه الفرصة العظيمة، وفاجئنا بمعلومة جديدة، لم نكن نعرفها من قبل، وهي أن الأقباط ما هم إلا ضيوف علينا في بلدنا، وحق الضيف 3 أيام فقط، وبعد كده بقى لا مؤاخذة يفارقونا، لأنهم قاعدين على قلبنا بقى لهم سنين طويلة، "وبصراحة يعني ما يصحش كده، وعلى رأي المثل: يا بخت من زار وخفف" طبعاً الفقرة الأخيرة تخصني أنا وليس الحويني!!

وعندما سمعت هذا الكلام، لا أدري لماذا تذكرت فيلم عماد حمدي وصباح، عندما قرر أهل القرية، إن الغزية لازم ترحل!

يا عم الشيخ هم مين اللي ضيوف عند مين؟

وما أحسب إلا أنك يا شيخنا بحاجة ماسة لقراءة التاريخ، لمعرفة أن الفتوحات الإسلامية بدأت في مصر في القرن السابع الميلادي، وقبلها كان أهل مصر جميعا أقباطا و يهودا وبعض الملل الأخرى، أي أنهم يا شيخنا ليسوا ضيوفا، ولا نحن كذلك!!

ولو اتبعنا هذا المنهج العبقري، لوجدنا أن أهل مصر الأصليين هم بنو إسرائيل، الذين آمنوا بموسي أيام القدماء المصريين منذ آلاف السنين!

ولو سمعك أحد اليهود الذين يدعّون أنهم بناة الأهرام، لقالوا (لو على أهل مصر بقى يبقى إحنا أولى مش الأقباط)!

ولو سمعك المسلمون أيضاً، لقاموا فوراً باحتلال إسبانيا (الأندلس سابقاً)، لأنها كانت أيام الفتحات الإسلامية مستعمرة إسلامية هي الأخرى، لذلك فمن حقنا الاستيلاء على إسبانيا، وتبقى فرصة كمان نستولي على فريق كرة القدم الإسباني (بالمرة يعني!) أهو نعوض بيه فريق الزمالك!!

والسؤال الآن: إلى متى نظل نسمح بهذا الجهل الذي يتغلغل في بيوتنا يوما بعد يوم، في الوقت الذي نحاسب فيه المجلس العسكري وصباع الفنجري على الإهانة البالغة التي سببها للمصريين بسبابته القوية، ورعونة وطراوة الدكتور عصام شرف اللي مش عارف ياخد موقف على رأي الدكتور يحي الرخاوي! تقوم تلك الكائنات الحية بالنخورة والتسويس في عقول الشعب المصري البسيط، الذي عانى سنوات طويلة من الجهل المنظم بسبب حكم مبارك وأعوانه، ووصل به الأمر إلى الاستماع لهذه الفتاوى الشاذة التي تنهال علينا كالأمطار الرعدية الصيفية من سعادتك!!!!



أنا على يقين الآن أن ما يقوله المجلس العسكري، من أننا في حالة تفكك ومحاولة غزو من قوة خارجية لتفكيك أوصال الشعب المصري، حقٌ، ولكن الغزو لا يأتينا فقط من إسرائيل وماما أمريكا، وإنما كذلك من دول أخرى تموّل هذا الإعلام الغريب، وتحاول باستماتة أن تحول الشعب المصري إلى دويليات صغيرة: دوله قبطية، وأخرى مسلمة سنية، وثالثة سلفية، ورابعة إخوانية، وخامسة علمانية -وأهي مصر كبيرة وتستحمل بقى!- تماماً مثلما حدث في السودان والصومال قبلها!


إن مصر ليست بلد المسلمين وحدهم، ولا هي بلد الأقباط وحدهم، ولا بلد أي دين آخر بمفرده، سواء كانوا أغلبية أو أقلية، بل هي بلد المصريين يا جميعا، والمصري هو كل فرد حر ولد وتربى على أرض هذا البلد، وحصل على جنسيتها، وعاش فيها عمره هو وأجداده، ولذلك فلا يمكنني أن أتصور أن يتجرأ أمريكي على القول ولو مازحا -عشان بس مايجيش بكره ويقول إنا كنت بهزر، كما فعل غيره سابقاً!!- أن أي أمريكي غير مسيحي، يجب أن يرحل عن أمريكا فورا، عشان إحنا استحملناه كتير قوي!!

إن مصر –أكرر- للمصريين، أيا كان دينهم أو حتى لا دينهم، وبلد الأزهر التي وقف فيها شيوخ الأزهر الشريف جنبا إلى جنب مع القساوسة لمحاربة الاحتلال على مر العصور، لن تقبل أبداً أن يفتيها أحد ويُملي عليها من يبقى فيها ومن يخرج منها!!

و"الغازية" مش هترحل يا "عم الشيخ"!

الأحد، 17 يوليو 2011

العلمانية والشذوذ

أسمع كثيراً هذه الأيام عن العلمانية والعلمانيين، من مختلف أطياف المجتمع، فيدهشني ما أسمع، خاصة من المثقفين والمتعلمين في المجتمع، فالغالب على آرائهم أن العلمانيين كفرة والعياذ بالله، ولا يريدون أن يكون لنا دين، هذا غير انحيازهم الكامل لحرية الشذوذ الجنسي والانفلات الأخلاقي!

ومع أني لست علمانية، فإنني ما زلت أندهش من نظرة المجتمع للفكر المخالف له، وخاصة فيما يخص الدين، وبالذات من سطحية التفكير، وسطحية المبررات التي ارتكزوا عليها في محاربة العلمانيين. والقول إننا في حاجة لدولة دينية لا علمانية فقط، لمحاربة هذه الأفكار الكافرة!

ألا يرى هؤلاء في فكر العلمانيين سوى رأيهم في الشذوذ الجنسي، كما لو كنا نتكلم عن مجموعة شاذة من الأشخاص الذين يحاربوا من أجل الحصول علي حقهم في هذا الأمر!

والغريب والمضحك أيضاً، أن أكثر بلاد العالم الإسلامي التي تحارب المجتمعات والحكومات المدنية، مثل السعودية، هي أكثر بلاد العالم الإسلامي التي يوجد بها شذوذ، سواء بين رجالها أو بين نسائها، مع أنه لا وجد بها علمانيون!!

والأكثر غرابة أيضاً، أن هؤلاء الناس نسوا طبيعة الشخصية المصرية، التي تكونت منذ أكثر من سبعة آلاف عام، والتي كانت دائما ما تبحث عن إله تعبده، وتؤمن بفطرتها -وقبل ظهور الأديان- بالبعث والحساب والعقاب، حتى إنهم اتخذوا آمون إلها لهم ليعبدوه!

وهذا يعني أن الشخصية المصرية لا يمكن أن ترضى أبدا بغير الدين والأخلاق بفطرتها، ويعني أيضاً أن المسلمين والأقباط في هذا البلد لن يقبلوا الرزيلة مهما تطور فكرهم لأي سبب!

إن مجتمعنا الآن بحاجة ماسة إلى تثقيف سياسي وديني وعلمي، والأهم من ذلك أن نتعلم تقبل الآخر، أيا كان فكره ومعتقده ودينه، نحن بحاجة إلى سماع بعضنا بعضا، بحاجة إلى أن نتكلم بكل حرية وصراحة، بلا خوف من تأثير الآخر علينا، بل وبالتفاعل معه، واستيعابه، مهما كان حجم الخلافات الموجودة بيننا.

وإذا كان مُعتقد كل فرد منا بالقوة الكافية، ومبنيا على إيمان راسخ وعقيدة حقيقة، فلا أعتقد أننا في حاجة للخوف من وجود أي شخص، أو وجود أي فكر مختلف عنا، بل إن ذلك يجب أن يكون مدعاة لسعادتنا، لأننا سنجد من يؤيد وجهة نظرنا أو يراجعها معنا.

الخميس، 23 يونيو 2011

من فينا الذي يحارب الإسلام؟

 كتبت أكثر من مقال، أهاجم فيه وبشدة بعض الإسلامين -أو المتأسلمين من وجهة نظري- والعديد من الفتاوى التي أرهقتني وجعلتني أكاد أجن منها ومن أمثالها، مثل رضاعة الكبير، وغزوات الصناديق، و طرد الشعب المصري من وطنه، ومؤخراً محاولة فهم أسباب الضعف الاقتصادي لمصر وتحليله بطريقة عبقرية فذة، تقول إنه قد نتج عن طريقتنا في التعامل مع قريضة الجهاد والغزو وسبي الحريم والأطفال، والتي نزلت علينا كالصاعقة في ليلة ليلاء.

وعلى رأي حبيبنا مبارك في مقولته الشهيرة، "أقول الحق إنني لم أكن انتوي الكتابة مره أخرى" عن أي من هذه الفتاوى العبقرية، وذلك لأنني مصابة بداء القولون العصبي وأخاف بشده من الإصابة بالمرارة!

ولكن مع الأسف الشديد، "العيل رجع في الكلام" على رأي محمد صبحي، وذلك عندما شاهدت مقطع فيديو مضحكا ومبكيا بشدة على قناة فوكس الأمريكية للأخبار، والتي خصصت أكثر من 9 دقائق كاملة، للسخرية من فيديو السبايا الشهير، وأكثر من فيديو آخر على شاكلته، والذي أدعوكم جميعاً لمشاهدته للبكاء معي على خيبتنا الثقيلة، ولمعرفة ماذا يقول عنا الغرب، وكيف يخشون من أفكارنا المتخلفة، ومن كثرة عدد المسلمين الذين هم على هذه الشاكلة، وما سيفعلونه بالغرب، وماذا عليهم أن يفعلوا لوقف غزو المسلمين الجهلة لهم، قبل أن يقوموا بغزو أمريكا والرجوع لأوطانهم بعبيد أمريكان للقيام بدور (sex slave) أو العبد الجنسي كما فهموا وفهمنا جميعاً من هذه الدعاوي!!

وأول ما شاهدت هذا الفيديو، تذكرت صديقا قديما لي، ليبرالي كافر، قال لي مرة إن هؤلاء الأشخاص الذين يفتونا بكل ما هو غريب، لابد أن نقيم عليهم الحد، ونتخلص منهم!

وبصرف النظر عن هذا الرأي، فقد تذكرت الكثير من التعليقات التي وصلتني من إخواني المسلمين والمسلمات، والتي اتهمتني بأنني أشوه الإسلام بتلك المقالات، وأنني أساعد على توصيل فكرة أن الإسلام دين إرهاب والمسلمين متخلفون!

ورغم أنني أشعر جيدا بمشاعر أصدقائي وغيرتهم علي دينهم -وأشاركهم الغيرة وبعنف، على ديني الحنيف الذي حاشا لله أن يكون داعيا لتلك الخرافات والتعفن والجهل، بل هو دين أرقى وأعلى وأجمل وأثمن من تلك الفتاوى الغريبة- فإنني أسألهم وأسال نفسي معهم: من الذي يقوم الآن بتشويه الإسلام في نظر غير المسلمين؟

أهي تلك المقالات وغيرها، التي تصرخ في كل سطر وتقول ارحمونا من هذه الصورة غير الحقيقية للإسلام، أم هؤلاء الشيوخ، وتلك الدعاوى الشاذة التي سمحت لقناة أمريكية ومجتمع بأكمله أن يسخر منا ومن تخلفنا، ويعتقد خطأ أن هذه الخرافات هي من صميم الدين الإسلامي للأسف؟!!

من منا يا سادة الذي يحطّ الآن من قدر الدين الإسلامي، أنا أم هؤلاء؟؟

الأحد، 19 يونيو 2011

القائمة السوداء وتخوين الفارس الوحيد

يدهشني كثيراً مصطلح القائمة السوداء الذي أطلق على بعض الفنانين والمثقفين في المجتمع المصري، الذين لم يقفوا مع الثورة المصرية في بدايتها، وبصرف النظر عن أسباب هؤلاء الأشخاص، وهو شيء لا أهتم بمعرفته، حيث إن حرية الرأي واختلاف وجهات النظر حقٌ مكفول للجميع، بصرف النظر عن خطئهم من عدمه، فإن ما يدهشني حقاً هو نظرة التخوين والتكفير التي يحاول الكثيرون النظر بها لهؤلاء الأشخاص، وعلى رأسهم الفنان محمد صبحي الذي انضم من أول يوم لتلك القائمة!

أما ما يدهشني في تخوين صبحي، فهو نسيان –أو تناسي- من هو صبحي، الذي لم يكن أبداً فنانا عاديا منذ بدايته، أو على الأقل منذ بداية تبنيه -من وجهة نظري- للحركة الفنية في مصر، في منتصف الثمانينيات، عندما بدأ سلسلة "ونيس"، ويليه سلسلة مسرحياته التي دعا من خلالها إلى مهرجان المسرح للجميع، في الوقت الذي بدأ المسرح المصري فيه في الانهيار بشكل فظ ومرعب في التسعينيات!

وبعدها بدأ صبحي في تفعيل دور الفن في البناء، من خلال مسلسل ونيس، والمبادئ الجميلة التي تربينا عليها بفضله، ورغم كبر عمري في هذه المرحلة، فإنني أعترف شخصيا أنني تعلمت الكثير من صبحي وقتها، وفي كل حلقة كان صبحي يغرس نبتة جديدة في عقول الكثيرين منا، إذا تذكرنا القليل منها، فيمكن أن نتذكر بوضوح، كيف اهتم صبحي بأهمية تربية الأطفال في بيوتنا، وأهمية غرس الصفات الجميلة فيهم، مثل صلة الرحم، التعاون، الصدق، الأمانة، نظافة الشارع، وخاصة اهتمامه بنظافة الحارة ومحاولة إلقاء الضوء على مشكلة القمامة في الشوارع والحواري المصرية، وأتذكر جيداً أنه في هذه الفترة، كان الكثير من ساكني الحواري المصرية يتصلون بصبحي ليقولوا له إنهم مشوا على دربه، و قاموا بتنظيف الحارة والشوارع المجاورة، إلى أن أعاد الثوار هذه القصة مرة أخرى للحياة، عندما قاموا بتنظيف ميدان التحرير، في خطوة فريدة من نوعها، تحدث عنها العالم أجمع بانبهار.

ولم يكتف صبحي بهذا، بل تطرق لمشكلة أطفال الشوارع، وحاول إيجاد أكثر من حل لتلك المشكلة، من خلال الفن الذي يقدمه، بل وصل به الأمر إلى بناء مدينة "سمبل" الشهيرة التي حاول من خلالها جمع الكثير من أطفال الشوارع، ليرتقي بهم، ليس فقط بتعليمهم و تثقيفهم، بل أيضا بمحاولة تعليمهم الفنون الجميلة والرفيعة التي أؤمن بشدة أنها قد تكون السر في رُقيّ الكثير منهم، وتحويلهم من مجرد أطفال مشردين وبلطجية المستقبل إلي فناني الغد.

ولم ينس صبحي دور المسرح في هذه المرحلة، بل قام بإعادة اكتشاف أكثر من مسرحية، قدم من خلالها وجهة نظره السياسية، خاصة في مسرحيات كارمن وماما امريكا التي جُنّت أمريكا وإسرائيل أيامها منهما، وجن النظام حين حاول تقليد مبارك في مشهد ساخر، ولم يعبأ صبحي بضغط النظام عليه، خاصة في مسلسل "فارس بلا جواد" الذي رفض التليفزيون المصري عرضه في تلك الأيام، و قام صبحي بعرضه في قنوات فضائية خاصة، وذلك لأنه فضح الخطة الصهيونة من خلال هذا المسلسل، والكثير من أعماله التي يصعب حصرها.

ومؤخراً قام صبحي، ورغم كل الضغوط الإعلامية والسلبية الموجهة ضده، بمبادرة رائعة لجمع مليار جنيه، لإعادة بناء وإعمار آلاف المناطق العشوائية في مصر، التي أفرزت لنا في السنوات الأخيرة، آلاف المهمشين والبلطجية الذين انكوينا جميعاً بنارهم، خاصة بعد الثورة!

وفي الوقت الذي انشغل فيه الكثير من شبابنا، بتصنيف مَن مع الثورة ومَن ضدها، وإعداد القوائم السوداء والبيضاء، انشغل صبحي –كعادته- بإعادة بناء المجتمع!!!

والسؤال الآن: هل هذا الفنان -الذي أصّر أن يقدّم الفن الرفيع والصفات الجميلة لنا، في الوقت الذي كان فيه الآخرون يقدمون الفنّ المُسفّ على المسرح، وشعبولا يحط من ثقافة شبابنا أكثر وأكثر- يستحق منا أن نضعه معهم في سلة واحدة، ونسميهم جميعا باسم القائمة السوداء؟!!

أتمنى أن أجد لديكم الإجابة!

الأحد، 12 يونيو 2011

مليون لحية ومليون نقاب..و80 مليون جاهل!

في دعوة جديدة من نوعها، قام أخوة من الشباب السلفيين بالدعوة لإطلاق مليون لحية جديدة قبل رمضان، وزادت على هذا المزاد العلني دعوة الشيخ محمد حسان الذي قال إن عليه بـ 80 مليون لحية وليس مليونا فقط! ومع كل احترامي لحرية إطلاق اللحية من عدمها، فإني في دهشة شديدة لمدى أهمية هذا الأمر، في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا الغالية، وأتساءل بحرقة: هل في هذا الوقت العصيب والحيوي نحتاج أن نجمع 80 مليونا أو حتى مليون رجل لإطلاق لحيتهم قبل رمضان؟ هل هذا الذي تحتاج إليه بلادنا الآن ..اللحية؟!

ألم يكن من الأفضل والأجدى لنا أن ندعو 80 مليون مصري إلى العمل بشكل جاد لنصرة بلادنا والنهوض بها للخروج من عنق الزجاجة الذي تخندقنا به؟!

ألم يكن أجدر بنا أن ندعو مليون مصري إلى التبرع للأيتام في الملاجئ الذين لا نعرف إذا كان لديهم ما يكفي لقوت يومهم ولتعليمهم وكسوتهم أم لا؟

ألم يكن الأجدر لكل أطياف المجتمع المصري أن نجمع 80 مليون جنيه لمساندة اقتصاد مصر والبورصة التي تنهار كل يوم بلا أمل؟!

ألا نحتاج اليوم لدعوة مليون أجنبي لزيارة مصر، وكسر حاجز الخوف من زيارتنا بعد الثورة، ومساعدة آلاف المصريين الذين يعملون بالسياحة، والذين فقدوا وظائفهم بين ليلة و ضحاها؟!

أليس من الأفضل أن ندعو مليون شاب للتطوع ومسانده الشرطة، في ظل الغياب الأمني الرهيب الذي نعاني منه جميعاً، ونخاف كل لحظة على بناتنا وأولادنا في الشوارع من التعرض للبلطجة والسرقة والاغتصاب في وضح النهار، وتحت أعيننا جميعاً، دون أن نقدر على فعل شيء لهم؟!

أليس الأفضل أن ندعو شبابنا لبناء مليون مسكن لإيواء أطفال الشوارع وإنقاذهم من الإجرام والمخدرات والاغتصاب؟!

ألا يطلب منا ديننا إنقاذ الملايين تحت خط الفقر في جميع أنحاء الجمهورية من الجوع والتشرد والشحاذة؟!

ألسنا في حاجة لدعوة الملايين للقراءة والتفتح والعلم والعمل، بدل أن نترك كل من هب ودب للعب بعقول المصريين تحت دعاوى كاذبة ومضللة، لا تبني شيئا، وإنما تهدم الشعب المصري بكل طوائفه؟!

إن الدعوة لإطلاق اللحية أو النقاب أو حتى الحجاب، هي دعاوى دينية، وليس لأحد أن ينكرها، ولكن في ظل ما نمر به الآن، نحن في حاجة إلى الدعوة للعمل، وليس الدعوة للأمور الشكلية والقشرية التي سئمنا منها وطفح بنا الكيل بسببها!

يا شيوخ الإسلام، إذا كنتم حقاً شيوخ الإسلام، فادعوا الناس لما ينفع الناس، ودعوكم من الجلباب واللحية وقشور الدين، ودعوا الدين لله سبحانه وتعالى، والعمل للوطن الذي حاربنا جميعاً جنباً إلي جنب لاسترداده، وكفى شغلاً وإشغالا لعقولنا بأمور لم ولن تنفع هذا الوطن في شيء، وكفي بنا 80 مليون جاهل عاش في عصور من الجهل والسطحية والتخلف.

انظروا إلى ما فعله العالم وما وصل إليه، وما وصلنا نحن إليه، ولا تجعلونا نصل لمرحلة البكاء على وطننا الذي سُلب وما زال يُسلب، تارة من فساد الحكام، وتارة أخرى من الدعاوى الوهابية الرخيصة!

أنا أدعو 80 مليون مصري إلى العمل، فهل من مجيب؟؟

الاثنين، 23 مايو 2011

إنت تاني؟

واضح أن القدر لعب لعبته للمرة التانية، ويظهر إني مصرة أموت بعد تطبيق الحد عليا من أخونا العم يعقوب!

فللمرة الثانية يستفزني أشد الاستفزاز، ويرفع لي الضغط، ويجيب لي القولون العصبي اللي ملتهب عندي خلقة بفضل جهوده المشكورة هو وآخرون!!

قال لك إيه بقى المرة دي ؟! إن الاتصال -غير الجنسي طبعاً- بين الولد البنت في الجامعة يبقى "زنا وحرام"..والنبي لو كان قال "زي الزنا" حتى..كنت عدّيتها، بس هو اللي جابه لنفسه بقى.

أنهي اتصال ده ياخينا إنت؟ إنت مركز في اللي بتقوله ده فعلا.. ولا شارب ولا واخد حاجة معينة مثلاً؟!

أنهي عقل وأنهي دين وأنهي فكر وأنهي حمار يصدق ولا يقتنع بالكلام ده؟ فهمني يمكن لما أفهم أبقى لطيفة معاك مرة واحدة قبل ما أموت!!

يعني لما البنت بالصلاة على النبي كده تكلم ولد تبقى زنت؟

ولو طلبت منه كشكول مثلاً تبقى زنت؟

طب لو اجتمعوا لا سمح الله يعني عشان بعيد عنك يذاكروا مثلا، ولا حد يشرح لحد حاجة، يبقى ده زنا برضه؟

طب لو كانوا مجموعة يبقى زنا جماعي بقى ولا إيه؟

هل هذا هو الإسلام يا رجل؟ وأين سمعت هذا الكلام أو تعلمته وعلى يد أي شيخ؟! وهل ورد في نفس القرآن الذي نقرأه نحن؟ أم أن لك قرآنك الخاص وشرعك وعقيدتك وسنتك؟!

بنسأل بعض كل يوم وكل دقيقة، هو إحنا ليه متخلفين؟ هو ليه الغرب متقدم وإحنا ولاد كلب جهلة! هو إحنا ليه حالنا مايل كده على طول؟ وليه العالم بيتحكم فينا كده؟ وليه دايماً بنقول لنفسنا إحنا اللي صح و100% إحنا المصريين الكويسين المؤدبين الحلوين الشاطرين، والعالم كله كفرة!!

أنا عارفه ليه، مش بس عشان في وسطنا أمثالك بأفكارهم الغريبة الشاذة، لأ كمان عشان في وسطنا اللي بيسمعوا الخرافات دي ويصدقوها! عشان لسه فيه ناس بتسأل أدخل الحمام باليمين ولا الشمال! أصلي بالبنطلون ولا الجلابية! ولما أعطس أقول إيه! ولمّا أصلي أحط إيدي اليمين على الشمال ولا جنبي! وعشان فيه ناس بتقول لك "يا شيخنا"!!

سؤال: هو مفيش في حياتنا وعقلنا ودنيتنا غير الجنس عشان نفكر فيه قوي كده؟ هو كل أمور حياتنا مرتبطة بالزنا..ورضاعة الكبير والصغير؟

هو إنتم بجد مصدقين إننا متخلفين عشان إحنا مش شعب متدين على حق.. وأغلبنا مش منقبات وبجلاليب قصيرة؟

ولما نبقى متدينين على حق (زي ما إنتم فاهمين الدين) هنكون أجدع ناس في العالم؟

دي تبقى مصيبة لو إنتم مصدقين بجد..ويا رب تكونوا بتعملوا علينا نصباية ونطلع إحنا أغبياء!!

الأربعاء، 18 مايو 2011

الأستاذ.. الدكتور..القاتل: الزمر – خليك في حالك

بدأت قصة انتفاضة الأخوين الزمر، بعد قرار الإفراج عنهما، إثر قضاء أكثر من ثلاثين عاماً في السجن على خلفية قضية مقتل الرئيس الراحل السادات.

ورغم عدم فهمي -حتى الآن- لسبب عدم إعدام الأخوين، فإنني أحترم قرار المجلس العسكري الإفراج عنهما، على الرغم من "قهرتي" من هذا القرار! ولكن لا بأس.

ولقد ظننت خطأ أن الأخوين هيروحوا يكنوا في بيتهم في البلد، ويعيشوا اليومين اللي فاضلين لهم في حالهم، بعيدا عن عيون الناس، عشان هم طبعاً قتلة ومجرمين، ومش أي قتلة، دول قتلة السادات -بطل الحرب والسلام- ولكن الغريب بقى إن الإعلام الجميل بتاعنا تعامل معهما على أنهما كانوا مسجونين سياسيين مش أكتر، وفضلوا يقرفونا كل شوية في التليفزيون، والجرايد والمواقع تكتب، وتتعمل معاهم حوارات، ورغم –برضه!- قهرتي تاني وتالت ورابع، بس ماشي، نعديّها المرة دي كمان!

لكن بقى لما توصل إن الأخ طارق الزمر يأجل زيارته -مش عارفة لأنهي داهية- عشان يروح مع الوفد الذاهب لإمبابة يهدي الناس اللي هناك، زي ما يكون ضمن وفد الأزهر مثلاً، ولا جاي مع عمرو خالد لا سمح الله! وفي نفس اليوم، محافظ أسيوط يستقبل الأخ التاني عبود الزمر بعد الاجتماع اللي اتعمل أمام مسجد الجمعية الشرعية، بحضور أكتر من 14 ألف بين آدم، وموقع الصعيد أون لاين يقول لك كان (استقبالا حافلا)، يبقى إيه بقى إن شاء الله؟!!!

بأمارة إيه المحافظ يستقبل واحد قتل أو شارك في قتل السادات؟ وليه؟ وعشان إيه؟ وإيه معناها؟ وعايز يقول إيه؟ حمد الله على السلامة، نحن نؤيد ونبارك العملية الإرهابية اللي قمت بيها..ولا إيه بقي!!!

والأنأح من ده كله، عم الزمر بيقول لك إحنا هنشارك في بناء كنايس إمبابة اللي اتحرقت، يا أخي ده إنت بجح قوي!! هي الناس نسيت ولا إيه؟ هو مين اللي عمل الناس اللي حرقت وهدمت دي؟ مين اللي دخل الفكر المتخلف والمتشدد والقتل والانتقام والقرف ده؟ مين غيرك إنت وأمثالك! إنت جاي دلوقتي تقول هنبني! تبني إيه ولا إيه، ومين اللي يبني؟ إنت؟؟ صحيح يقتل القتيل ويمشي في جنازته!!

أنت لا تعرف البناء، أنت لا تعرف غير الهدم والقتل، وإيدك لسّه فيها دم السادات، روح اغسلها الأول وتعالى... بس ماتجيش وسطنا، روح اقعد في بيتكم.. استغفر ربنا سبحانه وتعالى على جريمتك، وقبل كل ده، والنبي تخليك في حالك!!

السبت، 14 مايو 2011

بيت العيلة..من غير عيلة!

يطلق لفظ العيلة على مجموعة من الناس الذين ينتمون إلى شجرة عائلة واحدة ولقب واحد، مترابطين ومتجانسين، وحتى عندما يقع بينهم شقاق أو خلاف أو أي شيء آخر، فإن لقب عائلتهم دائما ما يبقى يظللهم ويجمع بينهم .

العلاقة بين هذه التعريف وتعريف "بيت العيلة" الذي أطلقه شيخ الأزهر على مبادرته، أو حملته لجمع قطبي الأمة المصرية -مسلمين وأقباط- لبدء صفحة جديدة ناصعة البياض، علاقة غير مفهومة بالنسبة لي، ناهيك أنها صادرة من طرف علاقته بالقضية غير مفهومة أصلا!!

ومن ناحية أخرى، فإن غضب بعض الأقباط من موقف البابا شنودة الرافض للتعليق على أحداث إمبابة، هو أيضا غير مفهوم!

إن ما يحاول إظهاره رموز الدين من الجانب القبطي والمسلم في مصر منذ سنوات طويلة، من حب ومودة وعلاقة وطيدة، و مائدة الإفطار الوطني في رمضان، والمصافحة والقبلات المتبادلة من كل من الطرفين في وسائل الإعلام، ما هي إلا صور ثابتة باردة لا تسمن ولا تغني من جوع!!

إن العلاقة بين المسلمين والأقباط -في رأيي- علاقة بين مصري ومصري، وعندما يختلف مصريان، يقوم باقي المصريين بالمصالحة بينهما، وإذا اعتدى مصري على مصري، يقوم القضاء المصري بالفصل بينهما، وإذا قتل مصري مصريا يقوم القضاء أيضاً بمحاسبة القاتل، وإقامة العدل في الأرض، وهذا هو القصاص الإسلامي الذي يطلبه الأقباط الآن، ولهم كل الحق.

إذن.. ما علاقة ما حدث في إمبابة أو سول أو قنا أو أي مكان آخر في مصر بشيخ الأزهر والبابا والمفتي و بيت العيلة؟!

عائلة من يا شيخنا؟! العائلة المصرية؟! وما دخل العائلة المصرية بما حدث؟

فما حدث، وقع من مجموعة من البلطجية والخارجين على القانون -أيا كان دينهم أو عقيدتهم، فهل إذا قتل مسيحي مسيحيا آخر، سنعفو عنه، لأنه مسيحي مثلا ومن نفس العيلة وحبايب؟! بالطبع ولا، ونفس الوضع مع المسلم.

فلا يجب إذا أن يتدخل شيخ الأزهر أو البابا إطلاقاً في هذا الشأن!

فأفيقوا يا رجال الدين، إن نداءكم في المساجد والكنائس، وتجمعكم، وهتافاتكم أننا نسيج واحد وأمة واحدة وعيلة واحدة لن يكون أبدا حلا للأزمة التي تمر بها بلادنا، وإذا أقسمتم آلاف المرات في اليوم الواحد أننا عيلة واحدة، فلن يؤثر ذلك على ما يجري من أحداث مؤسفة في الشارع المصري حاليا!

فالذي يحدث الآن لا يحل إلا بالقانون، فقط تطبيق القانون، إذا قامت الحكومة بمعاقبة قاطع الأذن سابقا، ورفضت مبدأ الصلح لأن هذا هو حق المجتمع، بدلا من محاولة دفن رؤوسنا في التراب، وعاقبت أيضا المسيحي قاتل أخته وعائلتها لأنها أسلمت، وعاقبت كل من قام بأعمال خارجة على القانون في أحداث قنا، ومنها قطع السكة الحديد،الذي أدى إلي صعوبة وصول الطعام والإمدادات التموينية إلي قنا وبلاد أخرى والذي يعد عمل إجرامي، لكان خير رد وخير فصل في هذا الأمر، ولكنا قد تجنبنا مهزلة إمبابة الآن.

لا يجب أن نسأل كل مجرم أو قاتل ما هو دينك قبل أن نحاسبه، القاتل يقتل، ولا علاقة بالصلح وبيت العيلة بالأمر، لذا.. عفواً فضيلة شيخ الأزهر، وعفواً البابا شنودة: تنحيا جانباً عن هذا الأمر...

الأحد، 8 مايو 2011

عفوا مبارك... طلعت بتفهم



عفوا سيادة الرئيس المخلوع، طلعت بتفهم و إحنا أغبياء!
عفوا سيادة الرئيس المخلوع، طلعنا مش مؤهلين لأي حاجة!
عفوا سيادة الرئيس المخلوع، إحنا مش شعب مصر...إحنا عندنا أجندات!
عفوا سيادة الرئيس المخلوع، إحنا ما نستاهلش نبقى أحرار!

وبدأنا نقول كده خلاص يا ريس، إحنا آسفين يا ريس، بس إحنا مش آسفين إننا خلعناك، إحنا آسفين لأننا ما عملناش الواجب بتاعنا صح الأول!

آسفين إننا سبنا السوس ياكل فينا سنين طويلة، إحنا وأهلنا وشعبنا، سبناه ياكل في بلادنا!

آسفين إننا صدقنا إن العالم كله بيتكلم علينا وعلى ثورتنا وعلى أخلاقنا وعلى وحدتنا ومصريتنا، وإحنا كل ده ما كناش شايفين إننا طبقة رقيقة قوي من فوق، وإن العمق متآكل ومتخرّب وناخر فيه السوس!

آسفين إننا كنا فاكرين نفسنا مؤمنين بجد -مسلمين وأقباط- وان الإيمان ده موجود في قلوبنا، زمش محتاجين نقوله للناس ولا نظهره في شكلنا ولبسنا، ومظاهرتنا كل يوم، وإننا نحارب بعض ونقتل بعض عشان نعرف مين مسلم ومين قبطي!

آسفين على شكلنا أيام الثورة اللي كان باين عليه إننا بنؤمن بالحرية وبنحاربك عشان كنا فاكرين إنك ظلمتنا وأخدت حريتنا مننا من 30 سنة، وكنا فاكرين إننا هنستردها أول ما نخلعك، بس دلوقتي لقينا نفسنا أعنف ديكتاتوريين على الأرض، وماحدش قابل حد، ولا طايق حد، ولا دين حد، لا قبطي ولا مسلم.

آسفين عشان كنا فاكرين نفسنا متحضرين وواعين ومثقفين، لما شفنا نفسنا بنتكلم في السياسة والنظام أيام الثورة، لكن لقينا نفسنا مغروزين في وحل الجهل والتخلف والتطرف وخيبة الأمل!

آسفين عشان افتكرنا إننا بنفكر وبنفهم و نحلل ونقدر حجم المأساة و المشكلة اللي بلادنا فيها، لكن لقينا نفسنا ماشيين زي القطيع ورا بعض، وما حدش افتكر إن عنده مخ يفكر بيه، وإنه مش محتاج يركب جزمة حد فوق بدل مخه!

آسفين إننا افتكرنا لما رفعنا علم مصر في التحرير، إننا بجد بنحب مصر، بس لقينا كل واحد فينا مش بيحب حتى نفسه!!

إنت نجحت في حاجة واحدة يا ريس...إنك تعرفنا إننا ما كناش فاهمين إحنا محتاجين إيه، قبل ما نفكر إننا محتاجين ديمقراطية!!!

الخميس، 28 أبريل 2011

بديل الإخوان والسلفيين


قرأت خبرا علي موقع الدستور منذ أيام، عن الدعوة السلفية يقول بالنص: "الدعوة السلفية: تطبيق أحكام الشريعة يحسم دعمنا لأحد مرشحي الرئاسة.. وأبو الفتوح الأقرب".

فتيقنت أن ظنوني وتكهنات الكثيرين قد أصبحت واقعا حقيقيا والحمد الله، وأن الإخوان والسلفيين "اتصالحوا خلاص ورجعوا لبعض في الجونينة" بعد سنوات من الاتهامات المتبادلة بينهم!

 حيث اتهم الإخوة السلفيون الإخوان بأنهم جماعة سياسية يبغون الاستيلاء على الحكم والعياذ بالله، أما نحن -السلفين- فلا نبغي سوى تطبيق الشريعة الإسلامية، ولسنا وراء الحكم!!

على الرغم من أنني أتذكر خبرا سابقاً لأحد السلفيين، يدور حول تفكيرهم في الترشح لانتخابات الرئاسة بعد أن اكتشفوا بالمصادفة البحتة أن الخروج على الحاكم مش حرام ولا حاجة، زي ما كانوا بيقولوا أيام الثورة، وعرفوا إن ده مكروه بس مش أكتر!

وبصرف النظر عن كلاً التصريحين، فإننا في مواجهة حقيقة واحدة نعرفها جيداً، وهي إما تعاون السلفيين مع الإخوان، طبعاً مقابل حتة من التورتة اللي عليها حتة الكريز اللذيذة، أو طمع السلفيين في التورتة كلها، إذا ظنوا خطأ أنهم أقوى من الإخوان، ومش محتاجين قوي إنهم يتعاونوا معاهم!!!

السؤال المهم الآن لكل من لا يرحب بأيٍ من السلفيين ولا الإخوان، من هو البديل القوي؟؟

لدينا في الساحة الآن هذه الأسماء -بعد استبعاد الإخوان وحلفائهم-الأستاذ عمرو موسىالمستشار هشام البسطويسيالدكتور البرادعي

وآخرون لن نذكرهم لأنهم -حتى الآن- ليسوا قوة حقيقية، بما فيهم -مع كل الاحترام والتقدير- الفريق مجدي حتاتة.إذا حاولنا القيام بتحليل مبسّط جداً لكل من الأسماء الثلاثة المذكورة، فيمكن أن نقول الآتي:

عمرو موسى: شخصية تتمتع بكاريزما كبيرة، محبوب إلى حد كبير، له تاريخ وإن كان البعض يأخذ عليه بعض المواقف ومنها موقفه قبل وفي أثناء الثورة، ولكنهم يتفقون على تاريخه عندما كان في الخارجية المصرية، ومع بعض المحاولات لتنشيط الذاكرة المصرية، يمكننا ً أن نتذكر موقفه الإيجابي في بعض القضايا الحيوية، وخاصة القضية الفلسطينية، وموقف النظام السابق منه، وخاصة مبارك الذي أطاح به بسبب اعتراضه على سياسة مصر الخارجية، وكذلك بسبب خوف النظام من قوة موسى في الشارع المصري، حتى تم وضعه في آخر عشر سنوات في فريزر الجامعة العربية، وموسي يتمتع إلى حد كبير بشخصية ليبرالية، محبة للقضية العربية وفكرة الوطن العربي الواحد، مع قوة شخصية وإدراك كامل للوضع الراهن للوطن والقضايا العربية المحيطة وكيفية التعامل معها وعلاقتنا بالدول العربية والأجنبية.

هشام البسطويسي: مستشار جيد السمعة، معروف أنه تصدى للكثير من محاولات التزوير التي كانت تشهدها البلاد عندما كان مراقبا في العديد من انتخابات مجلس الشعب، وخاصة في عام 2003، عندما قضت محكمة النقض برئاسة المستشار حسام الغرياني وعضوية المستشار هشام البسطويسي ببطلان نتائج انتخابات دائرة الزيتون -دائرة زكريا عزمي- وبالطبع منذ ذلك التاريخ وهو مغضوب عليه من النظام، وبالنسبة لميوله السياسي، فإن المعلومات المطروحة للمستشار البسطويسي غير كافية للتعريف بها، وإن كان برنامجه الانتخابي "ينطلق من ثوابت وطنية هي الحرية السياسية والاقتصادية وضمان حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في إطار من مبادئ الشريعة الإسلام" على حد قوله، وفي النهاية نستطيع أن نقول إنه رجل نظيف اليد ومحترم.

الدكتور البرادعي: ومن لا يعرفه! فهو المفجر الحقيقي لكلمة "نعم نستطيع"، والذي قاد فكرة أننا نستطيع أن نقول "لا"، بغض النظر عن كل الهجوم الذي لاقاه، وبغض النظر أيضاً عن موقفه في أثناء الثورة وقبلها، وأنه كان يقود الشباب من خلال صفحته علي موقع الفيس بوك فقط، واتهام الكثيرين له أنه كان خلف الستار ولم يظهر بشكل حقيقي في أثناء الثورة، أما بالنسبة لموقفه السياسي فهو -على حد قوله أيضاً- رجل "اشتراكي ديمقراطي" مع أنني لا أفهم العلاقة بين الديمقراطية والاشتراكية ولكن لا بأس.السؤال الثاني الأن، وعشان ما نضحكش علي بعض، مَن مِن هؤلاء قد يقوم بأي اتفاق -معلن أو غير معلن-  مع الإخوان في حملته الانتخابية؟!فالإخوان قوة سياسية مؤثرة جداً، وبالرغم من أنهم سوف يرشحون ممثلا عنهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن هذا لا يمنع بالطبع احتمال تضامنهم مع أي من المرشحين، احتياطي يعني، لضمان وجودهم بقوة، حيث إن وجودهم في مجلس الشعب بنسبة 49% كما أعلنوا مؤخراً -مع أنهم أعلنوا قبل ذلك رغبتهم في الاحتفاظ بـ 30% فقط- بس ماشي فهي غير كافية لهم الآن، وخاصة بعد ما البعبع بتاعهم ما راح زيارة لبورتو طره وبقت فرصة!!

ولأن السياسة لعبة مش دايماً بتبقى نظيفة قوي يعني، فيجب أن نفكر ونتوقع أي شيء وكل شيء!

ويظل السؤال مطروحا بقوة: من هو البديل القوي في وجه الإخوان الآن؟ أو من سيقوم بالتحالف معهم لضمان نجاحه في رئاسة مصر في الفترة المقبلة؟  

الأربعاء، 20 أبريل 2011

هنقول فينك يا أمن الدولة امتى؟!


منذ فترة وأنا أتابع أحداث الفتن الطائفية التي تتوغل كالسرطان في جسد الشعب المصري بكل حسرة وضيق ورعب وحزن وغضب، غضب منا أولاً قبل أن يكون ممن يسعون بكل قوة لتخريب هذه الأمة وتشتيت أهلها وإثارة الفتن بين عنصري الأمة، نعم غضب منا نحنا، غضب من كل من يقرأ الأحداث جيداً، من كل مَن يمسك منا بقلم ويكتب عن الثورة والفساد الذي غرقنا فيه منذ أكثر من نصف قرن، ونحتفل سوياً الآن في قالب من الثلج لا يذوب ولا يشعر بمن حوله!
وإذ بنا نخرج من القالب الثلجي ونفيق من غفوتنا على أشرس الأحداث وأكثر الأعداء شرا، الذين نموا وترعرعوا في أرض النظام الخصبة، هم أعداء الوطن الحقيقيون، أعداء الشعب المصري.
ما هذا الذي يحدث حولنا الآن، بل ما هذا الذي يحدث بنا؟! وقد أصبحنا فريسة لكل من يدّعي الدين ويدّعي الإسلام، والإسلام -بل وكل الأديان- بريئة منه.
من امتى وإحنا في مصر بنسأل عن دين المحافظ والوزير والناظر يا شعب مصر؟! من امتى؟ من امتى بتسأل حد إنت منين؟ لو من قنا يبقى إنت أكيد قبطي! يعني إيه؟ إيه اللي بيحصل ده؟ ما إحنا كان عندنا وزير مالية قبطي لأكثر من خمس سنوات، أهم وزير في الوزارة قبطي!
حد فيكم أخد باله مسلم ولا قبطي ولا كافر حتى؟ مين أخد باله إن محافظ قنا القديم كان برضه قبطي؟ ومين اللي واخد باله من محافظي مصر كلهم..مين فيهم القبطي ومن المسلم؟ ومين واخد باله الوزير ده ملته إيه؟ ومين تفرق معاه؟ ما هو حسني مبارك مسلم يا مسلمين، عمل لنا إيه؟؟ وبطرس غالي قبطي عمل فينا إيه؟ نسيتوا؟
وبعد ما طلع الأقباط من قنا وقالوا إحنا كمان مش عايزين قبطي، عشان مش هيعرف يجيب لنا حقنا، مين من مصلحته يطلع ويقلبها طائفية، وتبقى المشكلة إنه قبطي؟ مين؟ ولو عارفين مين، ساكتين ليه؟ فين الحكومة والوزارة؟ سايبين ليه مايكروفون مع كل جاهل و عميل وخائن.. وعشان نوصل لإيه؟
إحنا فين من اللي بيحصل؟ ليه سايبين المعركة للناس دي؟ ليه ساكتين وبنتفرج عليهم وهم بيلعبوا في دماغ ناس جاهلة غلابة؟ وهنتحرك امتى؟مستنين لما يجي علينا يوم نقول فينك يا أمن الدولة ولا إيه يا مصريين؟!!!

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

الوجه المصري قبل وبعد الثورة



من خلال ملاحظة بسيطة لشبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس بوك، تجد أن سلوك شباب مصر بأكمله قد تغير 180 درجة بالتمام والكمال بعد الثورة، لدرجة أن الشاب الذي كان يشارك أصدقاءه فيديوهات هيفاء وهبي وأحدث أغاني نانسي عجرم، هو نفس الشباب الذي يشاركهم الآن مقالات وأخبار وأحوال المجتمع المصري السياسية بكل محتواها!
وهو نفس الشاب الذي كان يلتف حول حفلة عمرو دياب في مارينا، والآن يلتف حول موعد ندوة عمرو حمزاوي وإبراهيم عيسي!
وهو نفس الشباب الذي كان يشاهد برامج التوك شو وقناة ميلودي تتحدى الملل، والآن يشاهد العاشرة مساء و عمرو أديب وغيرهم!.
والشباب الآن يملئون صفحات الفيس بوك بالأخبار السياسية والتحليلات والمقالات، وأراهم جميعا يتناقشون ويختلفون ويحشدون الآراء حول الترشيحات الرئاسية المحتملة، ويعرفون جيداً ما يريدون، وما يطمحون إليه، ويا للعجب عندما يصل الأمر إلي قراءة الدستور المصري كاملاً، وتحليل بنوده، ومناقشة الصالح لهم واقتراح الأفضل، هذا الدستور الذي أشك أن أحدا منا كان يعرف أن هناك شيئا يحمل اسمه قبل فيلم (عايز حقي) لخالد يوسف!
ونحن نرى الآن تكتلات وتوجهات واختلافات من كل أطياف المجتمع، الإسلامية والإخوانية والليبرالية والقبطية والعلمانية، لكنهم مهما اختلفوا على المسميات، فإن الجوهر والهدف واحد.
وهذه حقاً هي الثورة، وهي المكاسب الحقيقية من رواء التغيير، أن أصبحنا بالفعل نعي وندرك ونقرأ ونفهم، أو على الأقل نحاول أن نفهم.ولقد كنت مثل الملايين، أعتقد أننا نحتاج لآلاف السنين حتى نصل لمرحلة أقل من هذا، ولكن جرى الوضع أسرع وأجمل وأقوى من كل التوقعات التي لم نتوقعها حتى!
فهيا يا شباب، نبني مصر من جديد، مصر الواعية بأهلها وشبابها، مصر التي كانت خاملة بنا وكنا خاملين معها، مصر التي أفاقت من غفوتها ونهضت ولن تنام يوما واحدا بعد اليوم!
لقد تحوّل وجه مصر الآن، فلم نعد نرى إلا الوجه المشرق الجميل لك يا مصرنا.

الخميس، 31 مارس 2011

ماتخوّنوش كل مصر!

بعد قيام الثورة والقضاء على رأس الأفعى الكبرى، وجد الشعب المصري أن الأفعى الحقيقية لم تمت بعد، بل ووجد أفاعي كثيرة و ذيولا كثيرة متجهة نحوه! وكلنا نعلم أن من صفات الأفعى أنها لا تنسى أبداً من قام بقتل أفعوانها (الذكر)، وتحاول مرات عديدة الوصول إلى الشخص الذي قام بقتله والقضاء عليه.

ولكي يقضي الشعب المصري على الأفعى، فيجب أن يكون يقظا وواعيا تماماً لما يحدث حوله، والأهم من هذا أن يدرك أين هي الأفاعي، ليتفادى لدغتها ثم يقوم بقطع رأسها.

ولكن الذي يحدث الآن في المجتمع، هو أننا نبحث عن الذيول فقط، في نفس الوقت الذي نتصور فيه أننا نسعى خلف الأفعى!

المظاهرات الفئوية التي تحدث في جميع أنحاء البلاد، سواء كانت من عمال و موظفين، و أحيانا من الأقباط، ما هي إلى محاولات مستمرة لقطع الذيول الخطأ، في حين تظل الأفعى الحقيقية كما هي!

أعتقد أن ما يحدث الآن من هجوم متبادل بين المصريين وبعضهم بعضا، من اتهام بالخيانة والعمالة لكل من يعارض رأي الأخر، بداية من الاختلاف على رئيس الوزراء وقيادات و سياسيين ومرشحين للرئاسة، مروراً بالإخوان ودورهم السياسي بعد الثورة، والتعديلات الدستورية، والذين قالوا نعم والذين قالوا لا، وانتهاء بالخلاف حتى على المجلس العسكري، ورغبة الجيش في الاستيلاء على الحكم
  (على الرغم من قسم الجيش ألف مرة ومرة إنه مالوش نِفس يحكم ومش طايق اللي هو فيه وعايز يخلص منا النهارده قبل بكره) 
ولكننا ما زلنا نخوّن كل هذا، و لا نقبل الرأي الآخر إذا اختلف معنا، و أصبح أسهل شيء أن نوجه أصابع الاتهام لأي شخص معارض بوصفه عميلا للنظام القديم وضد الثورة، حتى وصفنا البعض منا بأنهم (حزب الكنبة) أي الذين لم يشاركوا في الثورة و أخذوها على الجاهز!

ونسينا جميعا -أو تناسينا- أننا كنا ومنذ أقل من شهرين، نشكو أن النظام لا يقبل المعارضة والرأي الآخر، ويقوم بسحق كل من يتعارض معه!!

إن من قام بالثورة هو شعب مصر المخلص الشجاع، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الذي لم يشارك خائن للوطن، ومن حقنا أن نقوم بسحقه وقمع آرائه، وإلا لقام الجيش المصري العظيم الذي ضحى بكل غالٍ وحارب وانتصر عام 73 باضطهاد الشعب المصري (المدني) الذي لم يحارب معه و قال لنا (إنتم أخدتوها على الجاهز!)

أعتقد أن من قال إن الشعب المصري غير مستعد للديمقراطية، كان أجدر به أن يقول إن الشعب المصري الذي عانى القهر طوال خمسين عاما غير مستعد لتقبل الرأي الآخر، دون أن يخوّنه!!

الخميس، 24 مارس 2011

من أنتم؟!


إن الثورة المصرية ثورة مجتمعية، وهي حق لكل مواطن على أرض مصر، ولم تكن أبدا ثورة إسلامية ولا قبطية ولا علمانية، ولا أي تيار ديني أو سياسي أو فكري آخر، وكل مصري له كامل الحق في الحياة علي أرض مصر بسلام وأمان وحرية، ومن حقه أن يتمتع بجميع حقوق المواطنة، وليس من حق أي شخص -أيا كان- أن يطلب من المصريين -أصحاب الأرض الحقيقيين- الرحيل (بالسلامة) كما دعى لذلك الأخ ....يعقوب. 
فهي ليست أرضك وليست مصرك حتى تدعوا أبناءها للرحيل، وتلوح لهم بيدك للخروج من وطنهم يا أخ يعقوب، وعلى طريقة صديقك القذافي، أقول لك: من أنتم؟ وبأي شرع تحكمون؟ وبأي منطق تحاولون أن تصوّروا أن من قال نعم، قد انتصر للدين، ومن قال لا فقد خرج عن الملّة!! 
فمصر ليست السعودية ولا إيران ولا العراق ولا أفغانستان ولا الصومال، وإنما هي مصر وكفى، بأهلها الأقباط والمسلمين الذين عاشوا لمئات السنين يدًا واحدة، متحابين ومتعاونين، حتى جاء أمثالك وحاولوا الفرقة بينهم، لكن هيهات أن يحدث ذلك! 
إنها أضغاث أحلام، ومحاولات ساذجة للعب على مشاعر وعقول المصريين البسطاء، الذين خدعتهم عندما حاولت إقناعهم أن القول بنعم حمايةٌ للدين الإسلامي، فإسلامنا الوسطي المعتدل لم -و لن- يطلب أبدا من صاحب وطن الرحيل عنه، مهما كانت درجات الخلاف والاتفاق بين أفراده! 
والديكتاتورية التي اكتويتم بنارها سنوات طويلة، الديكتاتورية التي كانت تقمع كل من يقول لا، والتي كنت تدافع عنها عندما قلت -أنت وأمثالك- إن الخروج على الحاكم حرام شرعاً، هي نفس الديكتاتورية التي تتبعها الآن، وتبيحها، وتلوّح بها في وجوه معارضيك، لدرجة أن تطلب –ياللعجب- ممن يخالفك الرأي أن يترك لك البلد! 
لقد كنت أكثر قسوة بكثير من نظام مبارك، الذي –رغم كل مضايقاته- تركك في وطنك، ولم ينفك خارجه عندما اختلفت معه، بل وترك لك المجال لتدعوا الناس إلى مذهبك، وترد على منتقديك بحرية! 
والحرب والغزوة الحقيقية لم تبدأ بغزوة الصناديق كما ادعيت أنت، ولكنها ستبدأ عندما نطهّر العقول التي قمت بتخريبها بأفكارك، والنصر والتكبير سوف يكون يوم نتخلص من هذه العقليات والأفكار الغريبة! 
فالدين الحق الذي تعلمناه في الأزهر الشريف المعتدل، بريء من طرد أي مصري من أرضه، بريء من التعصب والتشدد، بريء من الشماتة والجهر بالسوء، بريء من الترهيب والترويع، بريء من المتاجرة في الدين، والدين الحق هو الذي يدعوا أصحاب الوطن للتكاتف ضد الفساد، ومحاربة المفسدين، وليس التكاتف على طرد وسحق من ليس على دينك، أو حتى على دينك ولكنه مختلف معك في توجهاتك وأفكارك. 
والمصريون -الذين وحّدتهم الثورة وفرّقتهم دعواك- يقولون لك من كل قلوبهم: إن  لم يكونوا يعجبونك –بكل ما هم عليه من اختلاف واتفاق ونقاط ضعف ونقاط قوة وإسلام ومسيحية- فلترحل أنت بالسلامة.. غير مأسوف عليك. 
نشر في جريدة الدستور الأصلي - 24 مارس 2011
http://www.dostor.org/opinion/11/march/23/38705

الاثنين، 21 مارس 2011

لا مرحبا بالتعليم المجاني!

لا مرحبا بالتعليم المجاني!

أعتقد أن بداية قصة التعليم المجاني الحقيقية، قد بدأت في عهد الرئيس عبد الناصر، ضمن محاولاته الكثيرة لفرض فكرة الاشتراكية الفاشلة، من وجهة نظري!

ومنذ ذلك الوقت، وقد أخذت فكرة التعليم بالمجان منعطفا أخر مغايرا للتطبيق الصحيح للتعليم المجاني!

ومن وجهة نظري فإن التعليم المجاني هو التعليم الإلزامي أو الابتدائي كما يطلق عليه، أما التعليم الثانوي العام و الجامعي فلا يجب أن يكون مجانيا على الإطلاق.

فنحن الآن نجد ملايين الشباب الجامعي يعملون في أي شيء غير الشهادة الجامعية، ليس لأن هناك بطالة فحسب، ولكن لأن هناك بطالة نوعية. والفرق بين البطالة العادية والنوعية، أن هذه الملايين التي تتخرج قي الجامعات المصرية سنوياً، أكثر من نصفها لا يفقه شيئا على الإطلاق، بل وليسوا مؤهلين للعمل بهذه الشهادة في الأساس، لذلك يضطرون للعمل في مختلف الأعمال، مثل الأمن الخاص، والمحال التجارية و غيرها من هذه الوظائف التي بالقطع هي أعمال محترمة و مهمة جداً، ولكن السؤال هنا، لماذا مايزال هؤلاء مصرّين على التعليم الجامعي حتى الآن؟

هل لأنها بلد شهادات كما وصفها عادل إمام منذ أكثر من أربعين عاماً، وهل مازلنا بلد شهادات أصلا؟!

نعم، نحن ما زلنا ننظر للشخص الحاصل على تعليم متوسط أو تجاري أو صناعي على أنه قليل المستوى، رغم أننا في أمسّ الحاجة إلي هؤلاء الصناع والحرفيين قبل الشباب الجامعي، أو على الأقل بنفس درجة الاحتياج، ولأن فرص عملهم سوف تكون أفضل ألف مرة من فرص عمل الحاصلين على شهادة جامعية لا معني لها، لأنهم بالفعل لم يكونوا مؤهلين لمثل هذا النوع من التعليم!

إذن..فمن يستحق التعليم الجامعي، هل هم الأغنياء فقط؟

بالطبع لا، بالرغم من أنني أرى أن التعليم الجامعي يجب أن يكون مدفوعا، ومرتفع التكاليف أيضا، حتى يستطيع الطالب الحصول على مستوى تعليم جيد وحقيقي ومواكب للعصر والتكنولوجيا وسوق العمل، ولكنني أرى أن التعليم الجامعي المجاني يجب أن يتوفر لغير القادرين شريطة التفوق.

ولنضع تحت كلمة التفوق هذه ألف خط، فالطالب المتفوق على حق والذي يسعى إلى التعليم الجامعي لأنه على يقين تام من أنه سوف يضيف الكثير للمجتمع بهذا العلم والشهاده التي يحصل عليها، ونصبح على يقين من أنه إذا خرج إلى سوق العمل، سوف يضيف الكثير وينجح فيما يسعي إليه.

هذا النموذج هو فقط من يستحق الحصول على أفضل مستوى من التعليم الجامعي المجاني، أما من يدخل الجامعة فقط لكي يكون حاصلا على شهادة عالية بين أهله وجيرانه، فهو فقط يحصل على حق غيره في التعليم، ولا ينفع نفسه ولا المجتمع، ولا يحتاج إليه سوق العمل، بل يخلق المزيد من البطالة النوعية، والمزيد من الإحباط نتيجة عمله في أعمال يعتقد خطأ أنها أقل مما يستحقه، وأقل من شهادته الجامعية، وأن المجتمع ظلمه، بالرغم من أنه هو الذي ظلم نفسه!!

نحن بحاجة إلى أن نعرف ونتعلم أن المجتمع الناضج والمتقدّم، لن يتقدم إلا مع وجود الصناعة إلى جوار التكنولوجيا، وأننا بحاجة إلي الصناع والحرفيين و المهرة بقدر حاجتنا إلي خريجي التعليم الجامعي، التعليم الحقيقي وليس المستوى الرديء الذي يفرزه التعليم المجاني الحالي!

إذا فرضنا أن نحو 100 ألف طالب ينضمون إلى الجامعات الحكومية سنويًا، وأن أقل من نصف هذا العدد فقط قادر على التحصيل وتنمية نفسه في الجامعة وبعد الجامعة، فسوف نضمن أن لدينا 50 ألف طالب ناجح وقادر على المنافسة في سوق العمل، لأن مستوى التعليم سيكون أفضل بكثير، وفرص التحصيل والتطبيق العملي بجانب النظري سوف تكون أكبر، وبالتالي يستطيع المنافسة بقوة أكبر وتتم الاستفادة منه.

أما الـ50 ألف الآخرون فإذا اقتنعوا أن اتجاههم للمهن الحرفية والصناعية سوف يتيح لهم فرص أكبر للمنافسة في المجال الذي يستطيعون المنافسة فيه، وبالتالي خلق فرص أفضل لهم ومستوى معيشة أكثر تميزا، فسوف يأخذون هذه الخطوة، فجميع مصانع مصر تحتاجهم بشدة، وهو ما سوف يحقق استفادة أكبر من شباب مصر، في ظل احتياجنا المتزايد للأيدي العاملة والمنتجة.

أنا أعتقد أن مصر اليوم وخاصة بعد الثورة المجيدة، تحتاج إلى تشييد المزيد من المصانع، وإعادة بناء الفكر الصناعي الذي افتقدناه كثيرا بعد ثورة التأميمات التي لم تخلف إلا نقصا في العمالة والعمال، بالإضافة للأعداد الهائلة من الموظفين الحكوميين الذين لا يفعلون شيئا تقريبا إلا مزيدا من البيروقراطية والتعقيد، وتعويد الشباب على التطلع الذي لا معنى له لتعليم جامعي قد لا يكونون في حاجة إليه على الإطلاق.

وهو في النهاية مجرد رأي.

الأحد، 27 فبراير 2011

مين فينا حرامي!

سؤال يحيرني دائمًا، هل الشخص اللي مش حرامي، هو شخص أمين ومحترم بطبعه، ولا هو مش حرامي عشان ما عندوش فرصة يبقي حرامي؟!

وهل الشخص المحترم، اختار أن يكون محترما، أم أنه لا يملك خيارات أخرى؟!

كنت أتناقش مع صديق – كاتب - يشكو لي من أن كاتبا مشهورا قد سرق فكرة رواية له، وقال إن هذا الكاتب الكبير يأخذ ملايين من كتاباته، رغم أنها لا تستحق، وسألته: إذا جاءك مخرج وطلب شراء قصة بملايين وأنت تعلم جيدا أنها لا تستحق ذلك، فهل سترفض؟ وكانت الإجابة وقبل أن يجيب: بالطبع سوف أقبل!

وتذكرت صديقا آخر حكى لي قصة منذ فترة طويلة، عن سائق تاكسي كان يلعن الحرامية الذين يسرقون أموال البنوك، ويهربون بها للخارج، وسأله صديقي: إذا وضعت أمامك مليون جنيه، ماذا ستفعل؟ فقال السائق بالحرف: ههبشهم وأجري!

ورغم طرافة الموقف، فإنه يحمل معاني كثيرة، ويطرح أسئلة أكثر: هل ولد الحرامي ليكون حراميا؟ أم أن الظروف والفرصة سمحت له بذلك؟! وهل الشخص الشريف، شريف بطبعه، أم أنه قط في انتظار الفرصة المناسبة؟!!

والموقف الذي أدهشني حقاً في هذه الأيام، هو الوزير السابق رشيد محمد رشيد، الذي كنت أدافع عنه شخصيًا، عندما أعلن النائب العام تجميد أمواله والتحقيق معه، لأن هذا الرجل كان رجل أعمال ناجحا وثريا جداَ قبل الوزارة، وكنت حتى مندهشة عندما قبل الوزارة، وهو بالفعل لا يحتاج على الإطلاق للاستيلاء على المال العام، (إذا فرضنا جدلا أن الذي يسرق هو شخص يحتاج للمال)، ثم فوجئت بأنه متهم بإهدار مليارات من الجنيهات – بغض النظر عن عدم انتهاء التحقيقات معه!

إذن: هل الفرصة التي كانت متاحة لهذا الرجل وغيره، هي التي فرضت عليهم أن يصبحوا لصوصا؟ هل هو المال "السايب" كما يقال في المثل الشعبي (المال السايب يعلم السرقة)، ومبدأ هي جت عليا ما الكل بيسرق؟!

إذ كان كذلك، فما الذي يضمن لنا ألا يجيء شخص آخر، كان محترما وشريفا، ليسرقنا هو الآخر؟!

وعن نفسي، فأنا لا أعلم هل هناك شخص شريف، يمكنه أن يظل شريفا مع السلطة والمال، أم أن كل من يدخل هذه اللعبة يلوث بالمال الحرام!

إذا كان الرئيس والوزراء الفاسدون كلهم لصوص - كما أتضح لنا الآن- فماذا كانوا يحتاجون أكثر مما كان لديهم بالفعل؟!

وهل فكر أحدهم أين وكيف ومتي سوف ينفق كل هذه الأموال؟

وهل فكر أحدهم أن هذه الأموال حرام؟!

وهل فكر أحدهم يوما واحدا في أي فرد في هذا البلد ، وكيف لا يجد قوت يومه بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟

هل فكر سيادة الرئيس في أي شخص مريض بالسرطان مثل مرضه الذي بالطبع يعاني منه هو و زوجته بشدة (ربنا يشفي كل مريض)؟

هل فكر لحظة كم عدد مرضى السرطان في هذا البلد المنهوب؟
 وكم مريض منهم ليس لديه من المال ما يكفي لعمل جلسة علاجية، أو لا يملك ثمن حقنة علاج أو حتى مسكنات لتحمل هذا المرض اللعين؟

إذا كان الوزراء الفاسدون لم يعانوا من الفقر لكي يشعروا بجوع وفقر الكثير من المصريين، فمرض الرئيس كاف جدا حتى يشعر بآلام آلاف المرضي!

هل فكر الرئيس لحظة واحدة في مستشفى سرطان الأطفال الذي يشحت عليه المصريون جميعا منذ أكثر من عشر سنوات، وكيف أنه كان واجبا عليه أن يتكفل ببناء هذا المستشفى على نفقته، بل وعشرات غيره؟!

فأي بشر هؤلاء الذين كانوا يتحكمون في مصير المصريين؟!!! وبعد كل الذي نصدم به يوميًا من أموال مسروقة وآثار مسروقة ودماء مسروقة، لم أعد أثق في أي شخص على الإطلاق، يقبل أن يدخل نفسه في هذه الفتنة، ولا أعرف هل سيظل الشريف شريفا للأبد، أم أن الشريف سيصبح "صفوت الشريف" في النهاية!

الخميس، 17 فبراير 2011

عايزين نشتغل يا مصريين

الثورة قامت والشعب أسقط النظام، والمطالب بتتحقق يوم بعد يوم، والعالم كله بيتكلم عن مصر والمصريين أخيرًا كلام مختلف، وماعدوش بيقولوا علينا شعب همجي أو جاهل أو إرهابي، العالم عايز ولاده يتعلموا من المصريين يا جدعان، حد كان يصدق؟ بعد ما كانوا بيتكلموا وبنتكلم كلنا عن الفراعنة وأمجاد الفراعنة، لأننا ببساطة كنا لا نملك أي أمجاد أخري نتكلم عنها!

والآن وقد وجدوا ما يتكلمون عنه في المصريين، هل نريدهم أن يتكلموا عن الثورة فقط، دون أن نستغل فرصة أن نفعل الآن ما يجعل العالم والتاريخ يتكلمان عن المصريين بفخر واعتزاز مرة أخرى للأبد!

نعم هذه هي الفرصة الحقيقية للمصريين، والتي لم تكن أننا أسقطنا نظاما فاسدا أو قمنا بثورة شعبية حقيقية، وليس انقلاب عسكريا وثورة وهمية كثورة 1952، ولكن أن نعمل أيها المصريين، أن نعمل بجد وعلى حق، فنجعل العالم أجمع يهابنا ويحترمنا، هي دي فرصتنا الحقيقية.

فرصتنا أن نستعيد كل مصري هاجر وترك الوطن لأنه لم يجد من يُقدّر طاقته، علمه وإمكانياته في مصر، مصر التي كانت نبض قلب الحضارة في الماضي، وبعد عقود طويلة من الجهل والفقر والتخلف، والاضطهاد والقمع والظلم، الوطن الذي كتبتُ عنه من بضعة شهور قائلة إنني أحبه، ولا أعرف لماذا أحبه، الآن فرصتنا أن نحبه على حق، ونعرف جيدا لماذا نحبه، فنحن نحبه لأنه وطننا نحن، وطن كل مصري أثبت أنه يحب مصر، من قال نعم للثورة وحتى من قال لا، فنحن على يقين أن كل مصري فينا كان يخاف على مصر حقا بقدر خوفه على أهله وبيته.

نحن بحاجة لأن نعمل، كل فرد فينا يجب أن يعمل، ويعمل بجد، كل رجل وسيدة، فلا مكان لمن لا يعمل الآن.

يجب أن ندرك أن كل ما حدث منذ 25 يناير وحتى اليوم، هو فقط تمهيد للبداية، وعلينا أن نقرر فورا: هل ما حدث فقط هو ما كنا نريده، هل كان الهدف هو تنحي رئيس الدولة ومحاسبة الظالمين وفقط، أم أنها كانت بداية لبدء السعي نحو الهدف الحقيقي الجدير بنا..وهو جعل مصرنا في الصدارة؟

لو أن هدفنا كان مجرد إسقاط النظام وفقط، ثم الاحتفال قبل أن يعود كل منا كما كان، نتحدث عن هذا الخائن وذاك العميل، ونتهم بعضنا بعضا بالعمالة، ونشاهد برامج التليفزيون التي لا تفعل الآن أكثر من توزيع التهم على الناس والتمحك بالثورة، فأبشروا إذن بأنها ستكون نهاية مصر!

أما إذا كان الهدف هو بناء مصر من جديد، بأيدي المصريين وللمصريين، فلا سبيل الآن غير العمل والعلم، سيبك من مين عمل و مين ما عملش، و مين قال و مين ما قلش، وابدأ بنفسك.
يلا يا مصريين نشتغل بجد.

الخميس، 10 فبراير 2011

الشعب المستكين

قبل أسبوعين فقط و لأعوام مضت، كنا دائما نتحدث عن الثورة و الشعب المصري، وكنا نقول أن الشعب المصري هو شعب مستكين بطبيعته، لا يثور علي حاكم ولا نظام، هو دائما يشكوا، ولكن بعد لحظات ينسى و يقول "معلش، هنعمل ايه، أمر الله،أحنا حالنا أحسن من غيرنا".

و كنا نفسر سكون و سكينة الشعب المصري أنها جزء من طبيعته الجغرافية، حسب ما عرفها لنا أستاذنا العظيم جمال حمدان.

وكنا نتسأل دائماً، هل المقالات الساخنة، والأحاديث المستمرة عن السياسة والحال الذي وصلنا إليه، والشخصية التي خلفها هذا النظام العفن، يمكن أن يكون سبب لثورة هذا الشعب في يوم من الأيام؟ وهل سوف نرا هذا اليوم؟

والإجابة جائت صاعقة لنا جميعاً يوم 25 يناير 2011، هذا اليوم الذي سوف يكتبه التاريخ لنا، أخيرا سوف نجد ما يسجله لنا التاريخ لهذا الجيل، الذي طالما ظلمه الكثير حين وصفه بالجيل الذي لم يشهد حروب ولا يعرف معني الثورات، جيل هش من أجيال الشعب المستكين.

لقد فوجأنا جميعاً بأنفسنا، بشعب بأكمله قام و ثار كما لم يثر من قبل، في ثورة قادها الشباب الأبطال رجالا و نساء من كل الأعمار، حتي الأطفال.

شعب قام بكل رقي، وشجاعة، شعب لطالما قال عنه العالم، شعب همجي غير راقي، ولكننا أثبتنا أننا شعب راقي لا يأبي بالذل أبدا، شعب لن يرضي بالإستكانة بعد ذلك.

لم يكن شعب مصر بحاجة إلي ثورة تونس ولا لبنان كما قيل، الشعب المصري الذي قاد و سوف يقود ثورات البلاد العربية أعوام و أعوام، هذا الشعب الذي ضاق به، و لم يعد يقبل لعب دور المشاهد أكثر من ذلك، وعندما قام، أظهر للعالم كله و لحكامه، من هو الشعب المصري، و من هو الشاب المصري!

عفواً يا شعب مصر، لم تعد مستكين بعد الأن

تحيا إلي الشعب الذي كان مستكين، و أصبح ثائر حتي النصر إن شاء الله

الجمعة، 7 يناير 2011

نعم – أرفع الهلال بجانب الصليب

عندما استيقظتُ في اليوم الأول من العام الجديد على خبر تفجيرات كنيسة الإسكندرية، وجدت نفسي –كمسلمة- بحاجة للاعتذار عن شيء لم أقم بفعله، فأرسلت رسالة -عبر الفيس بوك- لكل أصدقائي المسيحيين، أعتذر لهم فيها عما حدث.

وكنت من أوائل الذين قاموا بوضع صورة الهلال مع الصليب بديلا لصورتي على الفيس بوك، وذلك عندما وجدت شابا على موقع المصري اليوم يضعها، حيث تذكرت ثورة 19 التي شاهدناها في الأفلام القديمة، وقرأنا عنها في كتب التاريخ، عندما كان المصريون جميعا -على اختلاف أديانهم- وحدة واحدة لتحقيق هدف واحد والانتصار في قضية واحدة.

ووجدت -خلال يوم واحد- أن معظم أصدقائي على الفيس بوك يضعون نفس الصورة بشكل أو بآخر، والحقيقة أنني شعرت بالسعادة رغم كل هذا الحزن الذي يحيط بنا، لأنني تحسست روح هذه الثورة – ثورة 19- وقد تلبستنا جميعًا.

لكن فرحتي لم تطل.. فقد وجدت الجهل والعصبية والتطرف فجأة يحيطون بنا من جديد في كل مكان، فيناقش البعض شيئا غريبا جدا: هل يجوز للمسلم وضع صورة الهلال مع الصليب على صفحته؟ وهل هذا يخالف الدين في شيء؟...نعم.. وهل هذا سؤال أصلاً؟ وهل وصلنا لهذه السطحية في التفكير حقا؟

فما هو الدين؟

الدين -من وجهة نظري- إيمان القلب الكامل بالعقيدة، أي أن محلّه القلب يا مسلمين ويا أقباط.

وأنا لا أتصور على الإطلاق أن المسلم إذا قام برفع صليب، أو دخول كنيسة، أو شارك المسيحين في أعيادهم، أو وضع صورة لهلال مع صليب بغرض إظهار روح الوحدة الوطنية ونبذ العنف والتطرف، يكون قد قام بفعل أي شيء حرام، أو غير جائز شرعًا.

ولا أتصور أيضا أن المسيحي إذا قام بقراءة القرآن، أو شارك المسلمين في أعيادهم بأي شكل، أو قام بشراء فانوس رمضان أو بمب العيد، يكون قد ارتكب إثما أو خطيّة.

فكيف نفكر بهذا الشكل؟

وكيف نحصر الدين في مجموعة من الشعارات والرموز والملابس والأشكال الخارجية الرخيصة؟!

كيف نُحوّل الدين من إيمان بالله سبحانه وتعالى والرسول -صلى الله عليه وسلم- من القلب إلى كلمتي "حرام" و"حلال" وفقط، في كل الأفعال اليومية البسيطة التي نقوم بها لأغراض خيِّرة؟!

هل أصبحنا مسلمين الآن فقط؟!

هل تذكرنا الدين والحلال والحرام الآن فقط؟

هل لم يكن أهلنا وأجدادنا يفهمون الإسلام بشكل صحيح، ونحن الذين نعرف أكثر منهم الآن ونفهم أكثر مما يفهمون؟!

لا أعتقد، فقد كنا في الماضي أكثر إيمانا وإسلاما وتسامحا ومحبة ورفقا ببعضنا بعضا، أكثر بكثير، عندما رفعنا الهلال مع الصليب منذ أكثر من تسعين عاما، لقد كنا مسلمين على حق، أما الآن فنحن مسلمون من الخارج فقط، مسلمون بالجلباب والعباءة، مؤمنون أن الصور والشعارات والحلال والحرام هو الإسلام!!

فما أشد حاجتنا أن يكون إسلامنا أعمق.. وأكثر تسامحا..وأكثر قدرة على التوحيد بيننا في السرّاء والضراء، وبهذا فقط، يمكننا أن نجتاز هذه الأزمة وغيرها، ويكون لدينا أمل في الغد.

أنا أقول لكل جاهل - نعم أنا مسلمة وأنا أحمل الهلال مع الصليب.