إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 24 مارس 2011

من أنتم؟!


إن الثورة المصرية ثورة مجتمعية، وهي حق لكل مواطن على أرض مصر، ولم تكن أبدا ثورة إسلامية ولا قبطية ولا علمانية، ولا أي تيار ديني أو سياسي أو فكري آخر، وكل مصري له كامل الحق في الحياة علي أرض مصر بسلام وأمان وحرية، ومن حقه أن يتمتع بجميع حقوق المواطنة، وليس من حق أي شخص -أيا كان- أن يطلب من المصريين -أصحاب الأرض الحقيقيين- الرحيل (بالسلامة) كما دعى لذلك الأخ ....يعقوب. 
فهي ليست أرضك وليست مصرك حتى تدعوا أبناءها للرحيل، وتلوح لهم بيدك للخروج من وطنهم يا أخ يعقوب، وعلى طريقة صديقك القذافي، أقول لك: من أنتم؟ وبأي شرع تحكمون؟ وبأي منطق تحاولون أن تصوّروا أن من قال نعم، قد انتصر للدين، ومن قال لا فقد خرج عن الملّة!! 
فمصر ليست السعودية ولا إيران ولا العراق ولا أفغانستان ولا الصومال، وإنما هي مصر وكفى، بأهلها الأقباط والمسلمين الذين عاشوا لمئات السنين يدًا واحدة، متحابين ومتعاونين، حتى جاء أمثالك وحاولوا الفرقة بينهم، لكن هيهات أن يحدث ذلك! 
إنها أضغاث أحلام، ومحاولات ساذجة للعب على مشاعر وعقول المصريين البسطاء، الذين خدعتهم عندما حاولت إقناعهم أن القول بنعم حمايةٌ للدين الإسلامي، فإسلامنا الوسطي المعتدل لم -و لن- يطلب أبدا من صاحب وطن الرحيل عنه، مهما كانت درجات الخلاف والاتفاق بين أفراده! 
والديكتاتورية التي اكتويتم بنارها سنوات طويلة، الديكتاتورية التي كانت تقمع كل من يقول لا، والتي كنت تدافع عنها عندما قلت -أنت وأمثالك- إن الخروج على الحاكم حرام شرعاً، هي نفس الديكتاتورية التي تتبعها الآن، وتبيحها، وتلوّح بها في وجوه معارضيك، لدرجة أن تطلب –ياللعجب- ممن يخالفك الرأي أن يترك لك البلد! 
لقد كنت أكثر قسوة بكثير من نظام مبارك، الذي –رغم كل مضايقاته- تركك في وطنك، ولم ينفك خارجه عندما اختلفت معه، بل وترك لك المجال لتدعوا الناس إلى مذهبك، وترد على منتقديك بحرية! 
والحرب والغزوة الحقيقية لم تبدأ بغزوة الصناديق كما ادعيت أنت، ولكنها ستبدأ عندما نطهّر العقول التي قمت بتخريبها بأفكارك، والنصر والتكبير سوف يكون يوم نتخلص من هذه العقليات والأفكار الغريبة! 
فالدين الحق الذي تعلمناه في الأزهر الشريف المعتدل، بريء من طرد أي مصري من أرضه، بريء من التعصب والتشدد، بريء من الشماتة والجهر بالسوء، بريء من الترهيب والترويع، بريء من المتاجرة في الدين، والدين الحق هو الذي يدعوا أصحاب الوطن للتكاتف ضد الفساد، ومحاربة المفسدين، وليس التكاتف على طرد وسحق من ليس على دينك، أو حتى على دينك ولكنه مختلف معك في توجهاتك وأفكارك. 
والمصريون -الذين وحّدتهم الثورة وفرّقتهم دعواك- يقولون لك من كل قلوبهم: إن  لم يكونوا يعجبونك –بكل ما هم عليه من اختلاف واتفاق ونقاط ضعف ونقاط قوة وإسلام ومسيحية- فلترحل أنت بالسلامة.. غير مأسوف عليك. 
نشر في جريدة الدستور الأصلي - 24 مارس 2011
http://www.dostor.org/opinion/11/march/23/38705

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق