إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 يوليو 2011

بلطجية التحرير وجزمة الإخوان!!


منذ بضعة أسابيع وأنا أقرأ وأتابع تصريحات وحوارات كثيرة من الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية والسلفية المختلفة، بخصوص وجهة نظرهم في المظاهرات الشعبية ومعتصمي التحرير هذه الأيام.

ولا أعلم لماذا كنت أتذكر دائما، تلك الفتاوى التي كنا نسمعها في بداية الثورة، خاصة من الأخوة السلفيين والجماعات الإسلامية -وليس الأخوان- والتي كانت تدور حول أن الخروج على الحاكم حرام شرعاً، وأن المظاهرات حرام شراعاً وفتنة والعياذ بالله، والمشاركة فيها حرام شرعاً أيضًا!!

لكن المضحك لم يكن تلك الفتاوى نفسها -رغم كونها كوميدية للغاية!- ولكن وجهة نظر بعض هؤلاء الشيوخ العظام بعد نجاح الثورة في الفترة الأولى، عندما انهالوا علينا بتصريحات مضادة لتصريحاتهم الأولى، وحاولوا الادعاء الكاذب بأنهم شاركوا في الثورة منذ اليوم الأول، وباركوها!!!

الله!! إنتم مش قلتم يا مولانا إن الخروج علي الحاكم حرام شرعاً؟! قال لك لأ، الأمر هنا مختلف، فإذا كان الحاكم فاسدا وظالما فيجب -شرعًا برضه على فكرة!! – الخروج عليه وخلعه، ولأن مبارك حاكم فاسد فلذلك يجب الخروج عليه!!

ده علي أساس طبعاً أنهم لما طلعوا الفتاوى الأولى في بداية الثورة، ما كانوش عارفين إنه فاسد، لكن دلوقتي والحمد لله عرفوا !!

طيب جميل، وإيه المشكلة بقى؟

المشكلة أن الذين قالوا في البداية حرام، ثم قالوا حلال، هم نفسهم الذين يقولون "لأ دي طلعت حرام"! ثم انهالوا علينا تاني -تاني تاني على رأي حليم!- بالفتاوى والتصريحات، وانضم إليهم الإخوان بدورهم، قبل أن يخونوا ويكفروا كل من يعتصم أو يشارك في مسيرات أو مظاهرات التحرير، وصولا للادعاء بأن المتواجدين في التحرير جميعهم بلطجية!!!

فالشيخ عاصم عبد الماجد -المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية- يوم الجمعة 22 يوليو، يصرّح بأن المتواجدين في التحرير ما هم إلا مجموعة من العلمانيين، وأنهم يدفعون للبلطجي الواحد بميدان التحرير 5 آلاف جنيه فى الليلة الواحدة، فضلا عن المخدرات، والاختلاط المشين في الميدان!!

وتابع: «هؤلاء لا يعرفون الحرية وإنما يريدون فرقة هذا الوطن لصالح أسيادهم الذين دفعوا لهم ربع مليار جنيه مصري من أجل تخريب هذا الوطن وإشاعة الفوضى فيه».

سبحان الله!

ولا أعلم لماذا تذكرت الأخ طلعت ذكريا، عندما خرج علينا أيام الثورة مؤكداً أن الثوار في التحرير يتعاطون المخدرات وييمارسون الرزيلة عيانا جهارا -على يدّي.. كان الثوار قاعدين هنا.. والموزة قاعدة هنا!!- ثم عاد كالعيل الصغير بعد نجاح الثورة وانزياح حاميه وسيده ليقول إحنا آسفين يا تحرير، أصل النظام ضحك عليا وغوّاني وشربني حاجة أصفرا عشان أقول كده!!

لكن الجديد حقا، أن الأخوان انضموا هم الآخرون لسباق الطعن في الأخوة المتظاهرين، وخوّنوا وكفّروا أم اللي طلع المظاهرات الأخيرة!!

ثم عاد الأخ العوا ليقول نفس الكلام، على كل من تسوّل له نفسه المريضة الخروج في المظاهرات، مشيراً إلى مظاهرات 8 يوليو، وفشل مظاهرات جمعة الغضب الثانية يوم 27 مايو الماضي –رغم أنها لم تفشل!- وطالب الشعب بعدم المشاركة في المظاهرات، بل وهددنا جميعا بالنزول إلى التحرير في حالة المطالبة بتغيير الدستور الأول قبل الانتخابات!

تعالوا نفكر شوية: هي ليه العالم دي بتغيّر كلامها؟

مع إن الفنان أحمد ماهر قال قبل كده "الراجل مش بس بكلمته"، قطعاُ هو ليس بكلمته ولكن بمصالحه وفايدته!

ليه بقي؟ أقول لك ليه يا سيدي: في رأيي المتواضع، لأن مصلحة الأخوان في الوقت الحالي لا تتفق مع فكرة الدستور أولاً، لأن الناس اختارت الدين في غزوة الصناديق كما قيل من قبل، ولأن تغيير الدستور أولا سوف يتيح لجميع الأطياف السياسية بالمشاركة -بشكل أو بآخر- في وضع الدستور، والأرجح أنه سيكون دستورا مدنيا، وهو عكس ما تريده الجماعات السلفية والأخوان والعوا –مع إنه حلف 100 مرة وقال إنه مش أخوان– على طول الخط!

أما إذا سارت الأمور كما يريدون، دون مظاهرات ووجع دماغ، فسيكون السيناريو كالآتي: تنطلق الانتخابات البرلمانية، ويستحوذ الإخوان على أغلبية المقاعد، ويضعون بأنفسهم الدستور، فتكون تلك بداية طمس الهوية المصرية الفرعونية، وتلبيس طاقية البلد العربية الإسلامية لرأس –وعقول!!- المصريين!!

ولأن الشعب المصري شعب متدين بطبيعته، فللمرة الثانية بعد الثورة، يلعبون على الناس البسطاء، ووتر الدين والتدين، ويروجون أن الذين يطالبون بالدستور أولاً هم العلمانيون الكفرة- من وجهة نظرهم طبعاً- والأقباط المصريين وأقباط المهجر الذين يتحركون وفق أجندات أمريكية ويهودية، ولا يريدون الخير لمصر، لأنهم يغارون منها ومن المسلمين!!!

وبعد الوصول إلي الحكم، اللي هيختلف معاهم مالوش عندهم غير الجزمة، كما صرح المرشد العام السابق للإخوان المسلمين مهدي عاكف ذات يوم!!

والحقيقة أنني لا مع المظاهرات ولا ضدها، ولست ضد أي فكر يختلف معي، ولكني بالتأكيد ضد أي محاولة لتكفير أو تخوين أي مواطن مصري شريف، له رأي في سياسة بلده، ومش عشان اختلفت معاه، يبقى عميل وابن تيت!!!!

ملحوظة: بالمناسبة بعد الإنتهاء من كتابة المقالة ، وجدت عصام العريان في جريدة روز اليوسف بتاريخ 28 يوليو، يقول "سنقتل كل من يفسد جمعة «الهوية والاستقرار» أو نقطع يده". وأي حد مش متابع المظاهرات طبعاً يقدر يخمن كويس أن معني كده إن الأخوان نازلين مظاهرات يوم الجمعة القادمة، وباين عليها حلال المرة دي !!

الاثنين، 18 يوليو 2011

الغازية لازم ترحل

أبهرنا الشيخ الحويني كعادته دائماً، بالفتاوى والأفكار اللولبية العظيمة وآرائه الفتّاكة، عندما سُئل في قناة من القنوات التي لا أعرف من يقوم بتمويلها، وتطلع علينا كل يوم بنبغة من نوابغ العصور الوسطي، وفي تلك الحلقة العظيمة، وكان السؤال عن أهم وأخطر القضايا التي تؤرق المجتمع الإسلامي، ألا وهي رأي رجل الأعمال ساويرس في النقاب، والصورة الكاريكاتورية التي وضعها لحظه السيئ على موقع تويتر!!

وكان رأي الحويني مبهرا كالعادة! حيث انتهز هذه الفرصة العظيمة، وفاجئنا بمعلومة جديدة، لم نكن نعرفها من قبل، وهي أن الأقباط ما هم إلا ضيوف علينا في بلدنا، وحق الضيف 3 أيام فقط، وبعد كده بقى لا مؤاخذة يفارقونا، لأنهم قاعدين على قلبنا بقى لهم سنين طويلة، "وبصراحة يعني ما يصحش كده، وعلى رأي المثل: يا بخت من زار وخفف" طبعاً الفقرة الأخيرة تخصني أنا وليس الحويني!!

وعندما سمعت هذا الكلام، لا أدري لماذا تذكرت فيلم عماد حمدي وصباح، عندما قرر أهل القرية، إن الغزية لازم ترحل!

يا عم الشيخ هم مين اللي ضيوف عند مين؟

وما أحسب إلا أنك يا شيخنا بحاجة ماسة لقراءة التاريخ، لمعرفة أن الفتوحات الإسلامية بدأت في مصر في القرن السابع الميلادي، وقبلها كان أهل مصر جميعا أقباطا و يهودا وبعض الملل الأخرى، أي أنهم يا شيخنا ليسوا ضيوفا، ولا نحن كذلك!!

ولو اتبعنا هذا المنهج العبقري، لوجدنا أن أهل مصر الأصليين هم بنو إسرائيل، الذين آمنوا بموسي أيام القدماء المصريين منذ آلاف السنين!

ولو سمعك أحد اليهود الذين يدعّون أنهم بناة الأهرام، لقالوا (لو على أهل مصر بقى يبقى إحنا أولى مش الأقباط)!

ولو سمعك المسلمون أيضاً، لقاموا فوراً باحتلال إسبانيا (الأندلس سابقاً)، لأنها كانت أيام الفتحات الإسلامية مستعمرة إسلامية هي الأخرى، لذلك فمن حقنا الاستيلاء على إسبانيا، وتبقى فرصة كمان نستولي على فريق كرة القدم الإسباني (بالمرة يعني!) أهو نعوض بيه فريق الزمالك!!

والسؤال الآن: إلى متى نظل نسمح بهذا الجهل الذي يتغلغل في بيوتنا يوما بعد يوم، في الوقت الذي نحاسب فيه المجلس العسكري وصباع الفنجري على الإهانة البالغة التي سببها للمصريين بسبابته القوية، ورعونة وطراوة الدكتور عصام شرف اللي مش عارف ياخد موقف على رأي الدكتور يحي الرخاوي! تقوم تلك الكائنات الحية بالنخورة والتسويس في عقول الشعب المصري البسيط، الذي عانى سنوات طويلة من الجهل المنظم بسبب حكم مبارك وأعوانه، ووصل به الأمر إلى الاستماع لهذه الفتاوى الشاذة التي تنهال علينا كالأمطار الرعدية الصيفية من سعادتك!!!!



أنا على يقين الآن أن ما يقوله المجلس العسكري، من أننا في حالة تفكك ومحاولة غزو من قوة خارجية لتفكيك أوصال الشعب المصري، حقٌ، ولكن الغزو لا يأتينا فقط من إسرائيل وماما أمريكا، وإنما كذلك من دول أخرى تموّل هذا الإعلام الغريب، وتحاول باستماتة أن تحول الشعب المصري إلى دويليات صغيرة: دوله قبطية، وأخرى مسلمة سنية، وثالثة سلفية، ورابعة إخوانية، وخامسة علمانية -وأهي مصر كبيرة وتستحمل بقى!- تماماً مثلما حدث في السودان والصومال قبلها!


إن مصر ليست بلد المسلمين وحدهم، ولا هي بلد الأقباط وحدهم، ولا بلد أي دين آخر بمفرده، سواء كانوا أغلبية أو أقلية، بل هي بلد المصريين يا جميعا، والمصري هو كل فرد حر ولد وتربى على أرض هذا البلد، وحصل على جنسيتها، وعاش فيها عمره هو وأجداده، ولذلك فلا يمكنني أن أتصور أن يتجرأ أمريكي على القول ولو مازحا -عشان بس مايجيش بكره ويقول إنا كنت بهزر، كما فعل غيره سابقاً!!- أن أي أمريكي غير مسيحي، يجب أن يرحل عن أمريكا فورا، عشان إحنا استحملناه كتير قوي!!

إن مصر –أكرر- للمصريين، أيا كان دينهم أو حتى لا دينهم، وبلد الأزهر التي وقف فيها شيوخ الأزهر الشريف جنبا إلى جنب مع القساوسة لمحاربة الاحتلال على مر العصور، لن تقبل أبداً أن يفتيها أحد ويُملي عليها من يبقى فيها ومن يخرج منها!!

و"الغازية" مش هترحل يا "عم الشيخ"!

الأحد، 17 يوليو 2011

العلمانية والشذوذ

أسمع كثيراً هذه الأيام عن العلمانية والعلمانيين، من مختلف أطياف المجتمع، فيدهشني ما أسمع، خاصة من المثقفين والمتعلمين في المجتمع، فالغالب على آرائهم أن العلمانيين كفرة والعياذ بالله، ولا يريدون أن يكون لنا دين، هذا غير انحيازهم الكامل لحرية الشذوذ الجنسي والانفلات الأخلاقي!

ومع أني لست علمانية، فإنني ما زلت أندهش من نظرة المجتمع للفكر المخالف له، وخاصة فيما يخص الدين، وبالذات من سطحية التفكير، وسطحية المبررات التي ارتكزوا عليها في محاربة العلمانيين. والقول إننا في حاجة لدولة دينية لا علمانية فقط، لمحاربة هذه الأفكار الكافرة!

ألا يرى هؤلاء في فكر العلمانيين سوى رأيهم في الشذوذ الجنسي، كما لو كنا نتكلم عن مجموعة شاذة من الأشخاص الذين يحاربوا من أجل الحصول علي حقهم في هذا الأمر!

والغريب والمضحك أيضاً، أن أكثر بلاد العالم الإسلامي التي تحارب المجتمعات والحكومات المدنية، مثل السعودية، هي أكثر بلاد العالم الإسلامي التي يوجد بها شذوذ، سواء بين رجالها أو بين نسائها، مع أنه لا وجد بها علمانيون!!

والأكثر غرابة أيضاً، أن هؤلاء الناس نسوا طبيعة الشخصية المصرية، التي تكونت منذ أكثر من سبعة آلاف عام، والتي كانت دائما ما تبحث عن إله تعبده، وتؤمن بفطرتها -وقبل ظهور الأديان- بالبعث والحساب والعقاب، حتى إنهم اتخذوا آمون إلها لهم ليعبدوه!

وهذا يعني أن الشخصية المصرية لا يمكن أن ترضى أبدا بغير الدين والأخلاق بفطرتها، ويعني أيضاً أن المسلمين والأقباط في هذا البلد لن يقبلوا الرزيلة مهما تطور فكرهم لأي سبب!

إن مجتمعنا الآن بحاجة ماسة إلى تثقيف سياسي وديني وعلمي، والأهم من ذلك أن نتعلم تقبل الآخر، أيا كان فكره ومعتقده ودينه، نحن بحاجة إلى سماع بعضنا بعضا، بحاجة إلى أن نتكلم بكل حرية وصراحة، بلا خوف من تأثير الآخر علينا، بل وبالتفاعل معه، واستيعابه، مهما كان حجم الخلافات الموجودة بيننا.

وإذا كان مُعتقد كل فرد منا بالقوة الكافية، ومبنيا على إيمان راسخ وعقيدة حقيقة، فلا أعتقد أننا في حاجة للخوف من وجود أي شخص، أو وجود أي فكر مختلف عنا، بل إن ذلك يجب أن يكون مدعاة لسعادتنا، لأننا سنجد من يؤيد وجهة نظرنا أو يراجعها معنا.