إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

ولا يهمك يا حكومة...

أنا مش فاهمة كل الناس مخنوقة من الحكومة وبتلعن سنسفيل أبوها ليه؟ مالها الحكومة يعني؟

إيه المشكلة لما يكون نصف الشعب المصري مش لاقي ياكل؟ ما عنّه ما كل يا أخي!

وإيه المشكلة لما يكون إجمالي الديون مش عارفة كام مليار، طب ما تتبرعوا بدل ما بتشتكوا عمّال علي بطال! بلاش تصييف يا سيدي السنة دى واتبرع لأمك الحكومة.

وإيه المشكلة، لما يكون 40% من الشعب المصري تحت خط الفقر، ومين اللي قال لهم يعني يروحوا تحت الخط ويقعدوا؟! ثم إن ما حدش بيموت من الجوع في مصر، وحتى لو ماتوا، إحنا كتير قوي، خلي البلد تخف شوية!

وإيه المشكلة لما يكون فيه مش عارفة كام مليار جنيه مسروقين من دم الغلابة ومتهربين برّه البلد؟ مش أحسن ما كانوا شربوا بيهم حشيش، ولا ولادهم فسدوا من كتر الفلوس؟!

وإيه المشكلة لما وزارة المالية تفرض ضريبة مبيعات، وضريبة دخل، وضريبة عقارات، وضريبة ترفيه على أي حاجة ملهاش دعوة بالترفيه، وتضرب على فلوس المعاشات، وتضارب بيهم في البورصة وتخسرهم؟ مش أحسن ما كان الشعب الأهوج ده راح سكر بيهم؟!
وإيه يعني لما الدولار كان بيساوي 25 قرش أيام عبد الناصر، ودلوقتي بقى بأكتر من خمسة جنيه؟ مش بقى عندكم مروحة وتكييف وتلاجة ودفي دي وإم بي ثري يا ظلمة!!

وإيه يعني لما يكون فيه أزمة بوتاجاز وسكر وزيت وعيش ودقيق وقمح وطماطم، خلاص يعني هتموتوا من قلة الطماطم يا غجر؟!

وإيه يعني لما تبقى الفاكهة والخضار قال إيه مسرطنة، مش فيه علاج على نفقة الدولة وتأمين صحي عالي المستوى ولا هو افترا على الخلق؟!
وناس تقول مش عارفة الوزير ده بياخد كام في الشهر، و رجل الأعمال ده بيصيف هو وعياله في سويسرا، والمسئول الفلاني بيعالج مراته في أوروبا ببلاش، والتاني مشغل ابنه في شركة بترول وهو حمار حصاوي أصلاً، يا إخوانا بلاش حقد طبقي بقى!
ولا العنوسة ولا المخدرات ولا أطفال الشوارع ولا حوادث الطرق، ولا الرشاوى والمحسوبية والفساد الحكومي، ومشروع توشكا قال إيه الفاشل، وأراضي الدولة اللي بتتباع مجاملات ومشاكل المواصلات والسكة الحديد والتعليم الزبالة والبطالة وبلطجة الشرطة والتعذيب في الأقسام وقانون الطوارئ وقلة الأخلاق وقلة الدم، خلّوا عندكم دم بقى واذكروا محاسن موتاكم!

الحكومة زي الفل بس الشعب –ابن التييييييييييت- هو اللي مش عارف يتحكم عدل!
 
ولا يهمك يا حكومة...

الخميس، 16 ديسمبر 2010

رفاهية الخوف

أشاهد يوميًا في طريقي من عملي إلى المنزل، فتاة -من ضمن كثيرات منتشرات في الشارع المصري- تبيع المناديل، وهي للأسف معاقة، وتعاني من مشكلة في قدمها، ولذا فهي تجلس دائما على الرصيف بجوار إشارة المرور.
واليوم شاهدت بجوارها كلبا من كلاب الشوارع الضالة، يبحث عن أي شيء يأكله بلا فائدة، ومع أنني أخاف الكلاب، خاصة الضال منها، فإن الفتاة لم تخف منه، ولم تُحرّك ساكنًا حتى عندما قام بشمشمة الأرض بجوارها!
 
وبعد أن اندهشت لثانية أو ثانيتين، تذكرت أن هذه الفتاة تفترش الشارع طوال اليوم، وفي الغالب تنام فيه أيضا، أو في أي شارع مجاور، وتتعرض يوميًا بالطبع لجميع كلاب الشوارع، من فصيلة البني أدمين قبل الحيوانات، ووجود كلب ضال -أو مصاب بالصرع حتى!- لا يعد مشكلة بالنسبة لها على الإطلاق!
وبدأت -دون قصد- المقارنة بين حالي وحال هذه الفتاة التي تقاربني في العمر، فوجدتني أنعم بميزة كبيرة، لم أكن أشعر بها أو أفكر فيها قبل ذلك أبدًا، وهي حق الشعور بالخوف، نعم لقد أصبح حتى الخوف نعمة ورفاهية، لكن ليس لجميع مواطني هذا البلد، وإنما لبعضهم فقط، والذين ليس من ضمنهم الفقراء والمحتاجين!

فهذه الفتاة ليس لها الحق في الخوف، لأنه لا بديل لديها إذا شعرت به، وهي تعلم جيداً أنها إذا تجرأت وأحست به لبضع دقائق فقط، فسوف تحكم على نفسها بالموت خوفاً من الغابة الكبيرة التي تعيش فيها في هذا الشارع، دون أهل، دون عائل، دون مثوى أو ساتر، ودون أمل في غدٍ أفضل، وبلا شيء على الإطلاق!!!

وشعرت أنا الأخرى بخوف شديد، لكن ليس من الكلب، ولكن عندما تيقّنت أننا جميعاً مسئولون عن هذه الفتاة وغيرها، مسئولون أمام الله سبحانه وتعالى قبل أنفسنا؛ لأننا تركناهم هكذا، لا يستطيعون أن ينعموا حتى بالأمان الذي هو أقل حق من حقوق الحياة.

وتيقنت أن هذه الفتاة وغيرها لا يقدرون في هذا الزمن علي رفاهية الخوف !

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

القمامة يا ولاد...

بعد أن شاهدتُ بعينيّ الأستاذ الكبير حمدي قنديل يحاكم أمام المحكمة بتهمة السب واستخدام لفظ "زبالة"، فأنا لا أجرؤ بالطبع على استخدام هذا اللفظ بأي شكل، حتى ولو أقسمت أنني أعني الزبالة بجد مش أي شخص!

ولكن..هناك ظاهرة حقيقية نعاني منها جميعًا، وهي بصراحة ليست جديدة علينا، فنحن ولله الحمد نعاني منها من سنوات طويلة، أعني ظاهرة القمامة في الشوارع المصرية عامة والقاهرية خاصة.
جزء من هذه المشكلة ظهر نتيجة للفكرة العبقرية اللولبية التي توصلت إليها حكومتنا الذكية، عندما قررت اللجوء لشركة فرنسية لنقل قمامة مصر المحروسة، لأن الشعب المصري "الرقيق" قرفان من ريحة القمامة ولا يستطيع تصور حملها من مكان لمكان، وبالتالي اضطرت الحكومة إلى اللجوء للفرنسيين الأعزاء لأنهم أقل ترفاً منا، ويستطيعون تحمل هذه الرائحة الكريهة بكل حب وشغف!
 
ولكن للأسف فإن الرائحة –فيما يبدو- كانت أقوى من قدرتهم على التحمل، فقرروا حمل 10% فقط من القمامة بعد تفنيطها في الشارع، وانتقاء القمامة ذات الرائحة الأفضل، وترك الباقي في شوارع المحروسة!

ولكن لنكون أكثر أمانة، فإن الجزء الآخر من المشكلة هو أنا وأنت! المواطن المصري النظيف والمُرفّه الذي لا يطيق أن يتحمل القمامة في سيارته العزيزة، فيضطر –آسفًا- إلى الإلقاء بها فورًا في الشارع، بل ربما يكون هذا نوعا من أنواع الانتقام اللاشعوري من الشركة الفرنسية والحكومة، ومحاولة منه لأخذ حقه من الثمانية جنيهات التي يدفعها -رغمًا عنه!- في فاتورة الكهرباء المتواضعة الشهرية.

مش عيب والنبي؟!

وهل يعقل أن نجد شخصًا يركب عربة فارهة أو حتى متوسطة ويقوم بإلقاء علبة السجائر أو بواقي طعامه أو أي شي آخر في الشارع في أثناء مروره به! وفي نفس اللحظة يشتكي -بكل بجاحة- من القمامة المتناثرة في الشارع في كل مكان من حوله!

فهل يرمي قمامته في حجرة نومه أو شقته على الأرض هكذا؟ فإذا كان يقوم بهذا فعداه العيب، ولا أحد يستطيع لومه، فهو رجل غير نظيف بطبعه، ولكن إذا كان مهتما بنظافة منزله، فالأولى به أن يهتم بنظافة الشارع الذي يقضي فيه وقتا قد يكون أطول من الوقت الذي يقضيه في المنزل!

وهل هو أمر صعب لهذه الدرجة على أي مالك سيارة أن يشتري صندوق قمامة صغيرا ويضعه في سيارته الكريمة، أو حتى كيسا صغيرا يرمي فيه القمامة، ثم يقوم بتفريغ هذا الصندوق أو الكيس في أي صندوق قمامة كبير في الشارع أو حتى في صندوق القمامة بمنزله..هل هذا صعب؟

إذا كنا لم نتعود على عدم إلقاء القمامة في الشارع منذ الصغر -مع أن هذا ليس عذرًا!– فعلى الأقل نحن بحاجة إلى أن نعلّم أبناءنا هذا السلوك البديهي، حتى لا نبقى إلي الأبد محاطين بالزبالة – عفواً بالقمامة.

مع الاعتذار إلي الأستاذ حمدي قنديل !!

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

إحنا ليه بنحبها؟

في أوائل التسعينيات، كان هناك فيلم لمحمد فؤاد اسمه "أمريكا شيكا بيكا"، وبالرغم من أنني لست مغرمة بهذا الفيلم، إلا إنه ناقش قضية أبدية بالنسبة لي، وهي، يعني إيه كلمة وطن؟؟؟

فأنا أسأل نفسي هذا السؤال دائمًا، يعني إيه كلمة وطن؟ وهل هذا المعنى مشترك في كل الأوطان؟ هل ما نشعر به إتجاه وطننا، هو نفسه ما يشعر بيه أي مواطن في أمريكا أو أوروبا أو أي بلد في العالم؟

هل حقاُ نحب وطننا؟ وإذا كانت الإجابة نعم، فلماذا نحبه؟

أنا أشعر بالغضب تجاه وطني – مصر- الغضب من الإهانة التي يتعرض لها معظم الشعب المصري، غضب من الشعب ومن الحكومة و مني أنا شخصيًا، ولكن إذا سألت نفسي و سألت الكثيرين منا، هل نحن مستعدون حقا أن نغادر هذا الوطن؟ فالكثير منا قد يقول بلا تردد، لا نستطيع، ولكن لماذا، لا أعلم !!!

فهل نحب الإهانة مثلا، هل تعودنا على البهدلة؟ أم تعودنا على مشاهدة الزحام القاتل والمزمن في الشوارع المصرية، هل تآلفنا مع أخبار قتلى طوابير العيش والبوتاجاز والحوادث اليومية في الطريق الدائري؟ هل إعتدنا قراءة أخبار وحوادث إغتصاب الأطفال في المدارس؟

أم أصبحنا لا نندهش من سماع حادث قتل أب لأولاده أو زوجته لعدم قدرته على توفير نفقات المعيشة، هل أصبحنا لا نبالي بمستقبل أولادنا ومستوى التعليم الرديء الذي يتلقونه في هذا البلد؟
أم أننا لا نمانع في رؤية رجل أو سيدة عجوز تجري - بل تزحف!- في محاولة اللحاق بأي أتوبيس نقل عام بلا فائدة؟

هل أصبحنا نتلذذ بأكل الخضار والفاكهة المسرطنة، وأصبحنا لا نطيق أكل غيرها؟ أم أننا لا نشعر بحرج عندما ننفق أموالنا في العشاء على ضفاف النيل في الوقت الذي لا يقدر نصف الشعب المصري على شراء أقل القليل من الطعام لأولاده؟

هل تعوّدت أعيننا على مشاهدة الأطفال والنساء نائمين في الشوارع على الأرصفة في الحر الشديد وبرد الشتاء القارص، لأنهم لا يملكون غير أرصفة هذا البلد ليرتموا بأجسادهم عليها؟ أم نرتاح وترتاح ضمائرنا بعد أن نعطي أي طفل منهم بضعة جنيهات ليستطيع شراء لفافة بانجو أو "كولّة" ليشمها؟

إن ما يغضبنا جميعاً أكبر وأكثر بكثير من أن يُكتب على الورق!

هل لذلك نحبها؟ أما أننا تعودنا على حبها، هل هذا هو الحب؟ أم أننا لا نفهم معنى الحب، أو حقًا لا نفهم معني الوطن؟

ومازلنا نحبها، و مازلت لا أعلم لماذا!!!

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

اللص الفاضل

كنت أشاهد - منذ أيام- رائعة نجيب محفوظ وكمال الشيخ "اللص والكلاب"، التي تحكي عن شاب بسيط وفقير تعرّض لظروف قاسية في حياته بعد وفاة أبيه، فدخل السجن، وبعد خروجه، تعرف إلى فتاة ليل رافقته في أثناء رحلة انتقامه من أشخاص كثيرين في حياته.
واللافت للنظر حقًا في هذا الفيلم، أن بطلي الفيلم -شكري سرحان والجميلة شادية- من قاع المجتمع، فهو ابن بواب عمارة، دخل السجن ومطارد من القانون، وهي فتاة ليل، ورغم هذا المستوى الاجتماعي المنخفض، فإن شادية ترتدي ملابس غير منفرة وقريبة في الشكل من ملابس الكثير من السيدات في تلك الفترة، لا تتكلم بشكل فظ، ولا تستخدم ألفاظا خادشة، ومع أن سرحان يعيش معها في بيتها، فلا يمكنك أن ترى أي مشهد غير ملائم أو تسمع ألفاظا مُنفّرة.
وبينما أشاهد الفيلم، تذكرتُ -دون قصد- إعلانات قناة ميلودي، التي قاطعتُ قنوات الأغاني الخاصة بها منذ سنوات، ولكنني للأسف وبالمصادفة البحتة، شاهدت بعض لقطات الحملة الإعلانية الأخيرة الخاصة بهم، في أثناء وجودي بأحد الكافيهات، وبدأت –لا شعوريا- المقارنة بين الفيلم الذي يجسّد حياة ساقطة ولص، وهما أسوأ نموذجين يمكن أن يجتمعا معا، وممثلي إعلانات هذه القناة الدرامية وحملتهم "ميلودي تتحدى قلة الأدب"، والتي تأكدت أنها لا تتحدى قلة الأدب من قريب أو بعيد، وإنما تتحدى من لا يرغب في سماع قلة الأدب !!!

فهي تعرض قلة الأدب بذاتها، بتركيز وإتقان، وبالرغم من محاولتهم اللعب على فكرة أنهم لن يقدّموا إعلانات "أبيحة"، كما هو الحال في باقي قنواتهم، فإنهم نجحوا بجدارة في تقديم ميكس محترف من كل أنواع الانحطاط الأخلاقي!!!

فهل يعقل أن تكون فتاة الليل في الماضي، نموذجا أكثر احترما من فتاة إعلانات هذه الأيام؟!

واللص الخارج عن القانون، أشرف من فتي الإعلان الشاب المُتعّلم الذي لم يتعرّض لأي من الظروف القاسية التي تعرض لها اللص؟!

وكيف نطلب من أبنائنا وبناتنا أن يتّصفوا بالأخلاق، وبالأدب في الكلام، وبعدم استخدام الألفاظ البذيئة، وكيف نمنعهم من مشاهدة القنوات الإباحية، وهي الآن ضيف مقيم في بيوتنا ليل نهار، يشاهدها الآباء قبل الأبناء، لأنها مع الأسف قناة مسلسلات، وتعد من أكثر القنوات مشاهدة علي الإطلاق لدى أكثرنا؟!

وما هذا الإسفاف الذي يتم فرضه علينا كل دقيقة؟!
وما هذه الحال التي وصلنا إليها؟
وإلى أي مدى آخر سوف نصل؟
إن هذه القنوات -في رأيي- أسوأ وأكثر خطرا من القنوات الإباحية الصريحة في العالم، التي على الأقل لا تتخفى وراء أقنعة مزيفة، أو تدعي أنها تحارب "قلة الأدب"ّّ!!

أظن أنه لو كان العبقري نجيب محفوظ على قيد الحياة حتى الآن، لكان قد قام بتغيير اسم روايته البديعة وأسماها "اللص الفاضل"، وترك الكلاب لتكون وصفا لأشخاص آخرين!!!

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

إحنا مش طايقين بعض ليه؟

نحن نتكلم كثيرًا الآن عن وجود فتنة طائفية في مصر، بين المسلمين والأقباط، والحقيقة أن هذه الفتنة ليست بين المسلمين والأقباط فقط، ولكنها موجودة بين مختلف المعتقدات والمذاهب التي نعيش عليها، بل وموجودة بين أحدنا والآخر!

وأنا أقصد بالآخر هنا كل شخص حر يحاول التفكير، ويريد أن تكون لديه القدرة على الاختيار، اختيار ثقافته وطريقة حياته..وصولا لمعتقده الديني.

نحن حقاً نعاني من قلة التسامح فيما بيننا، أنا لا أقبلك فقط لأنك غيري، لا تفكر مثلي، لا تتبع ديني، لا تتبع مذهبي، لا تتبع ملتي أو حتى لا تتبع زيي!

وهكذا نجد المسلم الذي يطلق لحيته، لا يقبل المسلم الآخر الذي لا يطلقها، والمسلمة المحجبة لا تقبل غير المحجبة، والمسلم الذي يرتدي الجلباب لا يقبل المسلم الذي يرتدي الزي العادي، والتي ترتدي الخمار لا تقبل التي ترتدي الحجاب، وتعتقد أنها أقل إيمانًا، والتي ترتدي النقاب لا تقبل الأخريات كلهن، وتعتقد أنهن متبرجات، بل ونجد النقاش حتى في لون النقاب إن كان أسود أم لا، ونجد صراعا حتى في مدى طول لحية الرجل!!

وفي الطرف الآخر، نجد اختلاف المذاهب بين الأقباط، خاصة الأرثوذكس والبروتستانت، وكل منهما لا يقبل معتقدات الطرف الآخر، وقد يعتقد أن الأخر على ضلال، وفي الناحية الأخرى هناك نفس الصراع بين مسلمي السنة ومسلمي الشيعة، دون وجود قدرة علي تقبل الفكر الأخر!

وعندما تعلن مسلمة اعتناقها للمسيحية، نجد الشعب الإسلامي كله مقلوبا رأسا على عقب، ويتناسون أن الله سبحانه وتعالى ترك لنا حرية العقيدة، حتى لو كانت الحرية عدم اعتناق أي دين علي الإطلاق ، فقد قال الله تعالي "فَمَنْ شاءَ فَلْـيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْـيَكْفُرْ" وهو نفس ما يحدث إذا أعلنت فتاة قبطية اعتناقها الإسلام!

فما هذا الذي نتصارع لأجله ؟ أين حرية العقيدة؟ وأين حرية الفكر؟

أيفضل المسلمون أن تظل إحدى الفتيات مسلمة بالاسم فقط، في حين أنها ترفض الدين من داخلها؟

وهل يقبل الأقباط بالمثل؟

وما الذي سيضيفه هذا أو ذاك إلى أي دين، إذا لم يؤمن به حقًا بقلبه، قال تعالي "قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ".

لماذا قررنا جميعًا أن نحاكم بعضنا بعضا؟ لماذا لا نترك كل شخص يختار ما يؤمن به قلبه، سواء كان خطأ أو صواب، مادام سيتحمل نتيجة خياراته في النهاية؟

ولماذا لا نجتمع جميعًا - مسلمين وأقباط- ضد ما يُؤثر علينا حقًا، لماذا لا نجتمع علي محاربة الفساد بدلا من محاربة أنفسنا؟!

فمحاربة فتاة تنصّرت، أو قبطية أسلمت، أو مسلم يلبس الجلباب، أو مسلمة غير محجّبة، لن يؤدي إلا لمزيد من الفُرقة بين الشعب المصري، ومزيد من الفوائد لهؤلاء الذين زرعوا الفتنة بيننا!

نحن حقاً في أمسّ الحاجة لتعلم تقبّل الآخر كما هو، وإدراك كيف يمكن لهذا الشخص أن يضيف إلى المجتمع بكل ما يملكه من ميزات، بعد أن نترك الدين لله وحده، ونترك كل شخص و شأنه، و نحاول أن نتعايش مع الآخر كما هو

إحنا محتاجين نطيق بعض شوية

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

هو إحنا ليه كده!!! الجزء الثاني

بعد أن تخرجت في المدرسة الثانوية –الراهبات - التحقت بجامعة الأزهر للغات والترجمة، وقد كان مقررا علينا حفظ القرآن الكريم طوال الخمسة أعوام، بمعدل خمسة أجزاء في العام الواحد، ولأن الدراسة لم تكن سهلة، وتحتاج للكثير من الوقت، فقد كنا نحمل المصحف معنا دائمًا، وفي كل مكان، إلى أن نجد وقتا متيسرا في اليوم فنقوم بالمراجعة والحفظ.

ولأنني لست محجبةـ فقد كنت أعاني معاناة شديدة للقيام بهذه المهمة خارج البيت، لماذا؟ لأن المجتمع حولي لا يقبل بأي حال أن يري فتاة غير محجبة تحمل المصحف وتقرأ فيه! وكأن المحجبة غير مؤهله لقراءة القرآن، أو لا يجوز لها حمل المصحف!!

ومن ثم فقد كنت أتعرض لانتقادات عديدة، من الجميع في المواصلات العامة، وخاصة مترو الأنفاق الذي اعتدت استخدامه كثيرًا في هذه الفترة، حيث كنت أذهب من مصر الجديدة للمعادي أكثر من مرة في الأسبوع، ولأن المسافة طويلة، فقد كنت أحاول الاستفادة من الوقت في مراجعة القرآن، ولكن كيف يمكن للمسلمين المتدينين أن يسكتوا على مصيبة قراءة فتاة غير محجبة للقرآن؟

لذا كنت أتعرض كثيراً للانتقاد واللوم من جميع طوائف الشعب، في عربة السيدات بالمترو: "هذا لا يجوز يا آنسة، حرام قراءة القرآن وأنت عارية الرأس" –كما لو كنت عارية الجسد!

لكن: هل كنت سأتعرض لسماع مثل هذا الكلام لو كنت أستمع إلي الموسيقي مثلاً؟ بالطبع لا، فحتى هؤلاء الذين يؤمنون أن الموسيقي حرام، لم يكونوا يجرءون على منعي من الاستماع إليها، أما إذا حاولت أن أقرأ القرآن -وهو الحلال بعينه- فإنه حرام !!

وفي نفس هذه المرحلة، وبينما كنت أواظب علي صلاة التراويح بالمسجد، لم أسلم يومًا واحدًا من انتقادات مماثلة، على الرغم من أنني كنت أدخل الجامع بحجابي، ومع ذلك فقد كنت أجد الكثير من النساء يتطفلن عليّ ببعض النصائح الغالية وبعض الأسئلة مثل، "هل أنتِ محجبة؟ هل تأتين كل يوم؟ هل تختمين القرآن في رمضان؟" بل وكثيرًا ما كنت أجد من تقوم بنغزي في أثناء السجود مثلاً، رغبة منها في تعديل طريقة سجودي التي تظن أنها خاطئة، مثل عدم ملامسة مرفقي للأرض لأن هذا لا يجوز في الصلاة، أو الانحناء أكثر في السجود، أو وضع يدي اليمني علي اليسرى، وما إلي ذلك من أمور أطلق عليه الدكتور علي جمعة ذات مرة أنها هيئة من هيئات الصلاة، أي أنها لا تبطلها أبدًا، ولا تعد أمرا يستدعي أن تقوم السيدات المسلمات بتنبيهي له في أثناء الصلاة نفسها!
 
ومع أنني كنت أتقبل الأمر في البداية، فقد ضقت ذرعا بكل هذا التطفل في النهاية، مما انعكس على عدم انتظامي في الصلاة في المسجد!

وحتى لا يعتقد أحد أنني لا أقبل اللوم ولا أرحّب بالتعليقات، فقد وجدت جميع البنات من أصدقائي غير المحجبات تتعرضن لمثل هذه الأشياء أيضا في المساجد والشوارع!!

فلماذا لا نترك الناس وشأنها؟ أي شرع هذا الذي يشرعونه؟! أنا لا أنكر أنه من الأفضل قراءة القرآن مع تغطية الرأس، ولا أنكر أنه من الأفضل القيام بالصلاة بأفضل شكل ممكن، ولكن ألا يعتقد هؤلاء أن مثل هذه الطريقة المُنفّرة قد تؤدي إلي نتيجة عكسية، وبدلا من إصلاحي كما يتوهمون فإنهم قد قاموا بتنفيري !!

إلي كل من يفعل ذلك بشكل أو بآخر، اعلموا جيداً أن ذلك ليس له علاقة إطلاقاً بالحديث الشريف "من رأي منكم منكراً فليغيره..." وقد قال الله تعالي:"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"

فاتركوا الناس في حالها، ولينظر كل منا إلي نفسه، إلي صلاته، إلي حاله، فسوف يجد الكثير ليُقوم به نفسه أولاً.
إحنا ليه كده !!

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

الواد بلية وزهرة الخشخاش

منذ فترة وأنا أتابع علي التليفزيون المصري الحملة الخاصة بالحفاظ علي الآثار والتي يقدمها الفنان عمر الشريف، ورغم احترامي الشديد لفكرة الحفاظ علي الآثار ولشخص الفنان القدير عمر الشريف إلا أنني لا أفهم معني هذه الحملة، واندهش عندما أشاهد الإعلان يومياً.

حيث يروي لنا الشريف قصة صناعة مصباح أثري، ويذكر لنا أهميته وتأثيره عبر التاريخ، حتى قام الواد "بلية" بكسر المصباح بالنبلة الجديدة التي اشتراها!

ومع تقديري الشديد لكافة أنواع الفنون والتراث وخاصة الشرقي، فلا يسعني إلا أن أندهش من السطحية والسذاجة التي نتعامل بها، فـأولاً "الواد بلية" لم يعد لدية نبلة الآن، بعد أن اندثرت تمامًا، مثلما اندثر هذا الفن الجميل الذي نسعى للحفاظ عليه!وربما كان الأقرب للعقل والمنطق، أن نقول إن بلية شاط الكرة فكسرت المصباح حتى أصدقك.

ثانياً - وهو الأهم - هل من المنطقي والمقبول، أن تقوم الهيئة المختصة بالحفاظ على الآثار، بتحمل التكاليف الباهظة لمثل هذه الحملة، في نفس الوقت الذي تترك فيه لوحة زهرة الخشخاش للفنان العالمي فان جوخ والتي لا تقدر بثمن ويتم سرقتها بهذه الطريقة، بسبب نقص المال اللازم لتأمين متحف محمود خليل.

والمضحك حقاً أن المافيا ليس لها علاقة بالسرقة حتى نستطيع أن نقدر المستوي العالي والمعقد لوضع خطة لسرقة اللوحة كما نراها في الأفلام الأمريكاني – ولكن المصيبة وكما نشر في التحقيقات، أنه كان من الممكن توفير حماية كاملة للمتحف بمبالغ قليلة للحفاظ على هذه التحفة الفنية من السرقة، أو حتى شراء كلب حراسة لمراقبة اللوحة!

لذا كان من المفروض أن تتوقف حملة عمر الشريف فورًا، للحفاظ على ماء الوجه، أو علي الأقل اتهام الواد بلية رسمياً أنه هو الذي سرق زهرة الخشخاش والمطالبة بالقصاص منه ونخرج جميعاً مع الحزب الوطني للمرة الأولي في مظاهرات واعتصامات، نندد ونشجب وندين، ونطالب بمصادرة النبلة فورا!!

الأحد، 17 أكتوبر 2010

هو أحنا ليه كده !!

من حوالي عشر سنوات، كنت أعمل في مكان قريب من منزلي، وكان الطريق إلى العمل جميلاً وممتعاً، خاصة في فصلي الخريف والشتاء، عندما تكون الحرارة معتدلة، فكنت كثيراً ما أذهب للعمل دون سيارة وأستمتع بالإنصات لأغاني فيروز وأم كلثوم في طريقي، لكن الجميل حقاً أنني لم أكن أتعرض لمضايقات في أثناء هذه الرحلة، إلا في أضيق الحدود، ومع ذلك فقد كانت من النوع المحتمل، الذي يمكنني التعامل معه.

لكنني الآن، لا أجرؤ علي السير في الشارع بمفردي لأكثر من خمس دقائق على الأكثر، وفي أثناء ذلك أعاني بشدة من كل شيء حولي، أعاني من زحام الرصيف الذي يمتلئ بكل شيء، ويصلح أن يكون أي شيء آخر إلا أن يكون رصيفاً لمشي البني أدمين! أعاني من المضايقات الكثيرة حولي، ليس لأنني جميلة، ولكن لأنني أنثى تمشي بمفردها في الشارع!!
وفي الماضي، عندما كانت الفتاة تتعرض للمعاكسة تسمع ألفاظا عادية، مثل: "يا جميل، ماشي لوحدك ليه؟"، وبالرغم أنه غير مقبول بشكل عام ولكنه محتمل، أما الآن فإنها تسمع ما لذ وطاب من الألفاظ المنتقاة بعناية من سلة الزبالة، وسواء كانت جميلة أو عادية، محجبة أو غير ، صغيرة أو كبيرة، عليها أن تقبل هذا الكلام، وتمضي في صمت دون أن تفتح فمهما بكلمة، أما إذا حاولت التعبير عن غضبها، فسوف تسمع الأسوأ، في نفس الوقت الذي لا يوجد فيه أي شخص على الإطلاق، يحاول الدفاع عنها، لا يوجد رجل أو حتى سيدة تقول "عيب"!!

لماذا وصلنا إلى هذا المستوى المنحط؟ لماذا أصبح من العادي والطبيعي والمنطقي أن تسمع الفتاة هذه البذاءات ولا تعترض هي أو يعترض أي أحد؟؟ لماذا لم يعد من حقي أن أمشي بحرية في الشارع ولو خمس دقائق دون حرقة دم؟

هل أصبحنا جميعاً حيوانات تمشي وراء غرائزها؟ هل أصبح كل الرجال بلا نخوة؟ أليس من حقي أن أستمتع بأقل قدر من الحرية؟ أليس من حقي أن أمشي - مثل أي رجل - في الشارع كما أشاء؟
وهل ما يحدث جزء من القمع السياسي والديني والاجتماعي الذي نعيشه جميعاً رجالاً ونساء؟

أنا لا أطالب بتغيير الدستور، ولا أطالب بتغيير الحاكم، ولا أطالب بالعدالة الاجتماعية ولا العدالة الصحية ولا حتى الحق في الحياة، رغم أنه من حقي المطالبة بكل ذلك، و وإنما فقط أطالب بحقي في السير بأمان وحرية في الشارع المصري، فهل حتى السير في سلام قد أصبح أمراً صعب التحقيق في مصر؟
ومع أنني لم أعاصر فترة الخمسينيات والستينيات في مصر، فقد شاهدت معالمهما في الأفلام المصرية القديمة، وشاهدت الجميلات فاتن حمامة وشادية وغيرهن، يرتدين ما يردن من ملابس، ويتجولن في الشوارع بكل حرية، بل ويستخدمن المواصلات العامة بأمان، ولم تكن بعيدات عن نمط المجتمع العادي مثلما يحدث الآن، ومعني ذلك أنهن كن مثل باقي سيدات وبنات مصر في هذه الفترة، يتجولن في الشوارع بحرية وأمان، دون أي تضييق أو تحرش .. فما الذي تغير اليوم؟

هل هو الدين؟ ولكن ألم يكن الشعب المصري متديناً في هذه الفترة وأصبح متديناً الآن؟! وإذا كان ذلك صحيح، أليس من إسلامنا احترام السيدات في الشارع؟ ألم ينه الرسول – صلى الله عليه وسلم - الشباب عن الوقوف في الطرقات لتجنب مضايقة الفتيات؟

وإذا لم يكن هذا كله صحيحاً، والفتاة هي السبب في حدوث ذلك بسبب ما ترتديه من ثياب مثيرة للرجال - كما يدّعي البعض- فلماذا تتعرض المحجبة – بل والمنقبة أيضا! - لنفس المعاملة، مع أنها ترتدي الزى الإسلامي كما يقولون؟؟

وإن لم يكن الدين، فهل هي الأخلاق؟ هل أصبح الشعب المصري بلا أخلاق فجأة؟!أنا أري أنها الأخلاق .. فهي أزمة أخلاق نعيشها جميعاً، ولا أري حل لهذه الأزمة ولا أعرف غير أن أقول...
 
هو إحنا ليه كده؟؟