إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

الواد بلية وزهرة الخشخاش

منذ فترة وأنا أتابع علي التليفزيون المصري الحملة الخاصة بالحفاظ علي الآثار والتي يقدمها الفنان عمر الشريف، ورغم احترامي الشديد لفكرة الحفاظ علي الآثار ولشخص الفنان القدير عمر الشريف إلا أنني لا أفهم معني هذه الحملة، واندهش عندما أشاهد الإعلان يومياً.

حيث يروي لنا الشريف قصة صناعة مصباح أثري، ويذكر لنا أهميته وتأثيره عبر التاريخ، حتى قام الواد "بلية" بكسر المصباح بالنبلة الجديدة التي اشتراها!

ومع تقديري الشديد لكافة أنواع الفنون والتراث وخاصة الشرقي، فلا يسعني إلا أن أندهش من السطحية والسذاجة التي نتعامل بها، فـأولاً "الواد بلية" لم يعد لدية نبلة الآن، بعد أن اندثرت تمامًا، مثلما اندثر هذا الفن الجميل الذي نسعى للحفاظ عليه!وربما كان الأقرب للعقل والمنطق، أن نقول إن بلية شاط الكرة فكسرت المصباح حتى أصدقك.

ثانياً - وهو الأهم - هل من المنطقي والمقبول، أن تقوم الهيئة المختصة بالحفاظ على الآثار، بتحمل التكاليف الباهظة لمثل هذه الحملة، في نفس الوقت الذي تترك فيه لوحة زهرة الخشخاش للفنان العالمي فان جوخ والتي لا تقدر بثمن ويتم سرقتها بهذه الطريقة، بسبب نقص المال اللازم لتأمين متحف محمود خليل.

والمضحك حقاً أن المافيا ليس لها علاقة بالسرقة حتى نستطيع أن نقدر المستوي العالي والمعقد لوضع خطة لسرقة اللوحة كما نراها في الأفلام الأمريكاني – ولكن المصيبة وكما نشر في التحقيقات، أنه كان من الممكن توفير حماية كاملة للمتحف بمبالغ قليلة للحفاظ على هذه التحفة الفنية من السرقة، أو حتى شراء كلب حراسة لمراقبة اللوحة!

لذا كان من المفروض أن تتوقف حملة عمر الشريف فورًا، للحفاظ على ماء الوجه، أو علي الأقل اتهام الواد بلية رسمياً أنه هو الذي سرق زهرة الخشخاش والمطالبة بالقصاص منه ونخرج جميعاً مع الحزب الوطني للمرة الأولي في مظاهرات واعتصامات، نندد ونشجب وندين، ونطالب بمصادرة النبلة فورا!!

الأحد، 17 أكتوبر 2010

هو أحنا ليه كده !!

من حوالي عشر سنوات، كنت أعمل في مكان قريب من منزلي، وكان الطريق إلى العمل جميلاً وممتعاً، خاصة في فصلي الخريف والشتاء، عندما تكون الحرارة معتدلة، فكنت كثيراً ما أذهب للعمل دون سيارة وأستمتع بالإنصات لأغاني فيروز وأم كلثوم في طريقي، لكن الجميل حقاً أنني لم أكن أتعرض لمضايقات في أثناء هذه الرحلة، إلا في أضيق الحدود، ومع ذلك فقد كانت من النوع المحتمل، الذي يمكنني التعامل معه.

لكنني الآن، لا أجرؤ علي السير في الشارع بمفردي لأكثر من خمس دقائق على الأكثر، وفي أثناء ذلك أعاني بشدة من كل شيء حولي، أعاني من زحام الرصيف الذي يمتلئ بكل شيء، ويصلح أن يكون أي شيء آخر إلا أن يكون رصيفاً لمشي البني أدمين! أعاني من المضايقات الكثيرة حولي، ليس لأنني جميلة، ولكن لأنني أنثى تمشي بمفردها في الشارع!!
وفي الماضي، عندما كانت الفتاة تتعرض للمعاكسة تسمع ألفاظا عادية، مثل: "يا جميل، ماشي لوحدك ليه؟"، وبالرغم أنه غير مقبول بشكل عام ولكنه محتمل، أما الآن فإنها تسمع ما لذ وطاب من الألفاظ المنتقاة بعناية من سلة الزبالة، وسواء كانت جميلة أو عادية، محجبة أو غير ، صغيرة أو كبيرة، عليها أن تقبل هذا الكلام، وتمضي في صمت دون أن تفتح فمهما بكلمة، أما إذا حاولت التعبير عن غضبها، فسوف تسمع الأسوأ، في نفس الوقت الذي لا يوجد فيه أي شخص على الإطلاق، يحاول الدفاع عنها، لا يوجد رجل أو حتى سيدة تقول "عيب"!!

لماذا وصلنا إلى هذا المستوى المنحط؟ لماذا أصبح من العادي والطبيعي والمنطقي أن تسمع الفتاة هذه البذاءات ولا تعترض هي أو يعترض أي أحد؟؟ لماذا لم يعد من حقي أن أمشي بحرية في الشارع ولو خمس دقائق دون حرقة دم؟

هل أصبحنا جميعاً حيوانات تمشي وراء غرائزها؟ هل أصبح كل الرجال بلا نخوة؟ أليس من حقي أن أستمتع بأقل قدر من الحرية؟ أليس من حقي أن أمشي - مثل أي رجل - في الشارع كما أشاء؟
وهل ما يحدث جزء من القمع السياسي والديني والاجتماعي الذي نعيشه جميعاً رجالاً ونساء؟

أنا لا أطالب بتغيير الدستور، ولا أطالب بتغيير الحاكم، ولا أطالب بالعدالة الاجتماعية ولا العدالة الصحية ولا حتى الحق في الحياة، رغم أنه من حقي المطالبة بكل ذلك، و وإنما فقط أطالب بحقي في السير بأمان وحرية في الشارع المصري، فهل حتى السير في سلام قد أصبح أمراً صعب التحقيق في مصر؟
ومع أنني لم أعاصر فترة الخمسينيات والستينيات في مصر، فقد شاهدت معالمهما في الأفلام المصرية القديمة، وشاهدت الجميلات فاتن حمامة وشادية وغيرهن، يرتدين ما يردن من ملابس، ويتجولن في الشوارع بكل حرية، بل ويستخدمن المواصلات العامة بأمان، ولم تكن بعيدات عن نمط المجتمع العادي مثلما يحدث الآن، ومعني ذلك أنهن كن مثل باقي سيدات وبنات مصر في هذه الفترة، يتجولن في الشوارع بحرية وأمان، دون أي تضييق أو تحرش .. فما الذي تغير اليوم؟

هل هو الدين؟ ولكن ألم يكن الشعب المصري متديناً في هذه الفترة وأصبح متديناً الآن؟! وإذا كان ذلك صحيح، أليس من إسلامنا احترام السيدات في الشارع؟ ألم ينه الرسول – صلى الله عليه وسلم - الشباب عن الوقوف في الطرقات لتجنب مضايقة الفتيات؟

وإذا لم يكن هذا كله صحيحاً، والفتاة هي السبب في حدوث ذلك بسبب ما ترتديه من ثياب مثيرة للرجال - كما يدّعي البعض- فلماذا تتعرض المحجبة – بل والمنقبة أيضا! - لنفس المعاملة، مع أنها ترتدي الزى الإسلامي كما يقولون؟؟

وإن لم يكن الدين، فهل هي الأخلاق؟ هل أصبح الشعب المصري بلا أخلاق فجأة؟!أنا أري أنها الأخلاق .. فهي أزمة أخلاق نعيشها جميعاً، ولا أري حل لهذه الأزمة ولا أعرف غير أن أقول...
 
هو إحنا ليه كده؟؟