إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

إحنا ليه بنحبها؟

في أوائل التسعينيات، كان هناك فيلم لمحمد فؤاد اسمه "أمريكا شيكا بيكا"، وبالرغم من أنني لست مغرمة بهذا الفيلم، إلا إنه ناقش قضية أبدية بالنسبة لي، وهي، يعني إيه كلمة وطن؟؟؟

فأنا أسأل نفسي هذا السؤال دائمًا، يعني إيه كلمة وطن؟ وهل هذا المعنى مشترك في كل الأوطان؟ هل ما نشعر به إتجاه وطننا، هو نفسه ما يشعر بيه أي مواطن في أمريكا أو أوروبا أو أي بلد في العالم؟

هل حقاُ نحب وطننا؟ وإذا كانت الإجابة نعم، فلماذا نحبه؟

أنا أشعر بالغضب تجاه وطني – مصر- الغضب من الإهانة التي يتعرض لها معظم الشعب المصري، غضب من الشعب ومن الحكومة و مني أنا شخصيًا، ولكن إذا سألت نفسي و سألت الكثيرين منا، هل نحن مستعدون حقا أن نغادر هذا الوطن؟ فالكثير منا قد يقول بلا تردد، لا نستطيع، ولكن لماذا، لا أعلم !!!

فهل نحب الإهانة مثلا، هل تعودنا على البهدلة؟ أم تعودنا على مشاهدة الزحام القاتل والمزمن في الشوارع المصرية، هل تآلفنا مع أخبار قتلى طوابير العيش والبوتاجاز والحوادث اليومية في الطريق الدائري؟ هل إعتدنا قراءة أخبار وحوادث إغتصاب الأطفال في المدارس؟

أم أصبحنا لا نندهش من سماع حادث قتل أب لأولاده أو زوجته لعدم قدرته على توفير نفقات المعيشة، هل أصبحنا لا نبالي بمستقبل أولادنا ومستوى التعليم الرديء الذي يتلقونه في هذا البلد؟
أم أننا لا نمانع في رؤية رجل أو سيدة عجوز تجري - بل تزحف!- في محاولة اللحاق بأي أتوبيس نقل عام بلا فائدة؟

هل أصبحنا نتلذذ بأكل الخضار والفاكهة المسرطنة، وأصبحنا لا نطيق أكل غيرها؟ أم أننا لا نشعر بحرج عندما ننفق أموالنا في العشاء على ضفاف النيل في الوقت الذي لا يقدر نصف الشعب المصري على شراء أقل القليل من الطعام لأولاده؟

هل تعوّدت أعيننا على مشاهدة الأطفال والنساء نائمين في الشوارع على الأرصفة في الحر الشديد وبرد الشتاء القارص، لأنهم لا يملكون غير أرصفة هذا البلد ليرتموا بأجسادهم عليها؟ أم نرتاح وترتاح ضمائرنا بعد أن نعطي أي طفل منهم بضعة جنيهات ليستطيع شراء لفافة بانجو أو "كولّة" ليشمها؟

إن ما يغضبنا جميعاً أكبر وأكثر بكثير من أن يُكتب على الورق!

هل لذلك نحبها؟ أما أننا تعودنا على حبها، هل هذا هو الحب؟ أم أننا لا نفهم معنى الحب، أو حقًا لا نفهم معني الوطن؟

ومازلنا نحبها، و مازلت لا أعلم لماذا!!!

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

اللص الفاضل

كنت أشاهد - منذ أيام- رائعة نجيب محفوظ وكمال الشيخ "اللص والكلاب"، التي تحكي عن شاب بسيط وفقير تعرّض لظروف قاسية في حياته بعد وفاة أبيه، فدخل السجن، وبعد خروجه، تعرف إلى فتاة ليل رافقته في أثناء رحلة انتقامه من أشخاص كثيرين في حياته.
واللافت للنظر حقًا في هذا الفيلم، أن بطلي الفيلم -شكري سرحان والجميلة شادية- من قاع المجتمع، فهو ابن بواب عمارة، دخل السجن ومطارد من القانون، وهي فتاة ليل، ورغم هذا المستوى الاجتماعي المنخفض، فإن شادية ترتدي ملابس غير منفرة وقريبة في الشكل من ملابس الكثير من السيدات في تلك الفترة، لا تتكلم بشكل فظ، ولا تستخدم ألفاظا خادشة، ومع أن سرحان يعيش معها في بيتها، فلا يمكنك أن ترى أي مشهد غير ملائم أو تسمع ألفاظا مُنفّرة.
وبينما أشاهد الفيلم، تذكرتُ -دون قصد- إعلانات قناة ميلودي، التي قاطعتُ قنوات الأغاني الخاصة بها منذ سنوات، ولكنني للأسف وبالمصادفة البحتة، شاهدت بعض لقطات الحملة الإعلانية الأخيرة الخاصة بهم، في أثناء وجودي بأحد الكافيهات، وبدأت –لا شعوريا- المقارنة بين الفيلم الذي يجسّد حياة ساقطة ولص، وهما أسوأ نموذجين يمكن أن يجتمعا معا، وممثلي إعلانات هذه القناة الدرامية وحملتهم "ميلودي تتحدى قلة الأدب"، والتي تأكدت أنها لا تتحدى قلة الأدب من قريب أو بعيد، وإنما تتحدى من لا يرغب في سماع قلة الأدب !!!

فهي تعرض قلة الأدب بذاتها، بتركيز وإتقان، وبالرغم من محاولتهم اللعب على فكرة أنهم لن يقدّموا إعلانات "أبيحة"، كما هو الحال في باقي قنواتهم، فإنهم نجحوا بجدارة في تقديم ميكس محترف من كل أنواع الانحطاط الأخلاقي!!!

فهل يعقل أن تكون فتاة الليل في الماضي، نموذجا أكثر احترما من فتاة إعلانات هذه الأيام؟!

واللص الخارج عن القانون، أشرف من فتي الإعلان الشاب المُتعّلم الذي لم يتعرّض لأي من الظروف القاسية التي تعرض لها اللص؟!

وكيف نطلب من أبنائنا وبناتنا أن يتّصفوا بالأخلاق، وبالأدب في الكلام، وبعدم استخدام الألفاظ البذيئة، وكيف نمنعهم من مشاهدة القنوات الإباحية، وهي الآن ضيف مقيم في بيوتنا ليل نهار، يشاهدها الآباء قبل الأبناء، لأنها مع الأسف قناة مسلسلات، وتعد من أكثر القنوات مشاهدة علي الإطلاق لدى أكثرنا؟!

وما هذا الإسفاف الذي يتم فرضه علينا كل دقيقة؟!
وما هذه الحال التي وصلنا إليها؟
وإلى أي مدى آخر سوف نصل؟
إن هذه القنوات -في رأيي- أسوأ وأكثر خطرا من القنوات الإباحية الصريحة في العالم، التي على الأقل لا تتخفى وراء أقنعة مزيفة، أو تدعي أنها تحارب "قلة الأدب"ّّ!!

أظن أنه لو كان العبقري نجيب محفوظ على قيد الحياة حتى الآن، لكان قد قام بتغيير اسم روايته البديعة وأسماها "اللص الفاضل"، وترك الكلاب لتكون وصفا لأشخاص آخرين!!!

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

إحنا مش طايقين بعض ليه؟

نحن نتكلم كثيرًا الآن عن وجود فتنة طائفية في مصر، بين المسلمين والأقباط، والحقيقة أن هذه الفتنة ليست بين المسلمين والأقباط فقط، ولكنها موجودة بين مختلف المعتقدات والمذاهب التي نعيش عليها، بل وموجودة بين أحدنا والآخر!

وأنا أقصد بالآخر هنا كل شخص حر يحاول التفكير، ويريد أن تكون لديه القدرة على الاختيار، اختيار ثقافته وطريقة حياته..وصولا لمعتقده الديني.

نحن حقاً نعاني من قلة التسامح فيما بيننا، أنا لا أقبلك فقط لأنك غيري، لا تفكر مثلي، لا تتبع ديني، لا تتبع مذهبي، لا تتبع ملتي أو حتى لا تتبع زيي!

وهكذا نجد المسلم الذي يطلق لحيته، لا يقبل المسلم الآخر الذي لا يطلقها، والمسلمة المحجبة لا تقبل غير المحجبة، والمسلم الذي يرتدي الجلباب لا يقبل المسلم الذي يرتدي الزي العادي، والتي ترتدي الخمار لا تقبل التي ترتدي الحجاب، وتعتقد أنها أقل إيمانًا، والتي ترتدي النقاب لا تقبل الأخريات كلهن، وتعتقد أنهن متبرجات، بل ونجد النقاش حتى في لون النقاب إن كان أسود أم لا، ونجد صراعا حتى في مدى طول لحية الرجل!!

وفي الطرف الآخر، نجد اختلاف المذاهب بين الأقباط، خاصة الأرثوذكس والبروتستانت، وكل منهما لا يقبل معتقدات الطرف الآخر، وقد يعتقد أن الأخر على ضلال، وفي الناحية الأخرى هناك نفس الصراع بين مسلمي السنة ومسلمي الشيعة، دون وجود قدرة علي تقبل الفكر الأخر!

وعندما تعلن مسلمة اعتناقها للمسيحية، نجد الشعب الإسلامي كله مقلوبا رأسا على عقب، ويتناسون أن الله سبحانه وتعالى ترك لنا حرية العقيدة، حتى لو كانت الحرية عدم اعتناق أي دين علي الإطلاق ، فقد قال الله تعالي "فَمَنْ شاءَ فَلْـيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْـيَكْفُرْ" وهو نفس ما يحدث إذا أعلنت فتاة قبطية اعتناقها الإسلام!

فما هذا الذي نتصارع لأجله ؟ أين حرية العقيدة؟ وأين حرية الفكر؟

أيفضل المسلمون أن تظل إحدى الفتيات مسلمة بالاسم فقط، في حين أنها ترفض الدين من داخلها؟

وهل يقبل الأقباط بالمثل؟

وما الذي سيضيفه هذا أو ذاك إلى أي دين، إذا لم يؤمن به حقًا بقلبه، قال تعالي "قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ".

لماذا قررنا جميعًا أن نحاكم بعضنا بعضا؟ لماذا لا نترك كل شخص يختار ما يؤمن به قلبه، سواء كان خطأ أو صواب، مادام سيتحمل نتيجة خياراته في النهاية؟

ولماذا لا نجتمع جميعًا - مسلمين وأقباط- ضد ما يُؤثر علينا حقًا، لماذا لا نجتمع علي محاربة الفساد بدلا من محاربة أنفسنا؟!

فمحاربة فتاة تنصّرت، أو قبطية أسلمت، أو مسلم يلبس الجلباب، أو مسلمة غير محجّبة، لن يؤدي إلا لمزيد من الفُرقة بين الشعب المصري، ومزيد من الفوائد لهؤلاء الذين زرعوا الفتنة بيننا!

نحن حقاً في أمسّ الحاجة لتعلم تقبّل الآخر كما هو، وإدراك كيف يمكن لهذا الشخص أن يضيف إلى المجتمع بكل ما يملكه من ميزات، بعد أن نترك الدين لله وحده، ونترك كل شخص و شأنه، و نحاول أن نتعايش مع الآخر كما هو

إحنا محتاجين نطيق بعض شوية

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

هو إحنا ليه كده!!! الجزء الثاني

بعد أن تخرجت في المدرسة الثانوية –الراهبات - التحقت بجامعة الأزهر للغات والترجمة، وقد كان مقررا علينا حفظ القرآن الكريم طوال الخمسة أعوام، بمعدل خمسة أجزاء في العام الواحد، ولأن الدراسة لم تكن سهلة، وتحتاج للكثير من الوقت، فقد كنا نحمل المصحف معنا دائمًا، وفي كل مكان، إلى أن نجد وقتا متيسرا في اليوم فنقوم بالمراجعة والحفظ.

ولأنني لست محجبةـ فقد كنت أعاني معاناة شديدة للقيام بهذه المهمة خارج البيت، لماذا؟ لأن المجتمع حولي لا يقبل بأي حال أن يري فتاة غير محجبة تحمل المصحف وتقرأ فيه! وكأن المحجبة غير مؤهله لقراءة القرآن، أو لا يجوز لها حمل المصحف!!

ومن ثم فقد كنت أتعرض لانتقادات عديدة، من الجميع في المواصلات العامة، وخاصة مترو الأنفاق الذي اعتدت استخدامه كثيرًا في هذه الفترة، حيث كنت أذهب من مصر الجديدة للمعادي أكثر من مرة في الأسبوع، ولأن المسافة طويلة، فقد كنت أحاول الاستفادة من الوقت في مراجعة القرآن، ولكن كيف يمكن للمسلمين المتدينين أن يسكتوا على مصيبة قراءة فتاة غير محجبة للقرآن؟

لذا كنت أتعرض كثيراً للانتقاد واللوم من جميع طوائف الشعب، في عربة السيدات بالمترو: "هذا لا يجوز يا آنسة، حرام قراءة القرآن وأنت عارية الرأس" –كما لو كنت عارية الجسد!

لكن: هل كنت سأتعرض لسماع مثل هذا الكلام لو كنت أستمع إلي الموسيقي مثلاً؟ بالطبع لا، فحتى هؤلاء الذين يؤمنون أن الموسيقي حرام، لم يكونوا يجرءون على منعي من الاستماع إليها، أما إذا حاولت أن أقرأ القرآن -وهو الحلال بعينه- فإنه حرام !!

وفي نفس هذه المرحلة، وبينما كنت أواظب علي صلاة التراويح بالمسجد، لم أسلم يومًا واحدًا من انتقادات مماثلة، على الرغم من أنني كنت أدخل الجامع بحجابي، ومع ذلك فقد كنت أجد الكثير من النساء يتطفلن عليّ ببعض النصائح الغالية وبعض الأسئلة مثل، "هل أنتِ محجبة؟ هل تأتين كل يوم؟ هل تختمين القرآن في رمضان؟" بل وكثيرًا ما كنت أجد من تقوم بنغزي في أثناء السجود مثلاً، رغبة منها في تعديل طريقة سجودي التي تظن أنها خاطئة، مثل عدم ملامسة مرفقي للأرض لأن هذا لا يجوز في الصلاة، أو الانحناء أكثر في السجود، أو وضع يدي اليمني علي اليسرى، وما إلي ذلك من أمور أطلق عليه الدكتور علي جمعة ذات مرة أنها هيئة من هيئات الصلاة، أي أنها لا تبطلها أبدًا، ولا تعد أمرا يستدعي أن تقوم السيدات المسلمات بتنبيهي له في أثناء الصلاة نفسها!
 
ومع أنني كنت أتقبل الأمر في البداية، فقد ضقت ذرعا بكل هذا التطفل في النهاية، مما انعكس على عدم انتظامي في الصلاة في المسجد!

وحتى لا يعتقد أحد أنني لا أقبل اللوم ولا أرحّب بالتعليقات، فقد وجدت جميع البنات من أصدقائي غير المحجبات تتعرضن لمثل هذه الأشياء أيضا في المساجد والشوارع!!

فلماذا لا نترك الناس وشأنها؟ أي شرع هذا الذي يشرعونه؟! أنا لا أنكر أنه من الأفضل قراءة القرآن مع تغطية الرأس، ولا أنكر أنه من الأفضل القيام بالصلاة بأفضل شكل ممكن، ولكن ألا يعتقد هؤلاء أن مثل هذه الطريقة المُنفّرة قد تؤدي إلي نتيجة عكسية، وبدلا من إصلاحي كما يتوهمون فإنهم قد قاموا بتنفيري !!

إلي كل من يفعل ذلك بشكل أو بآخر، اعلموا جيداً أن ذلك ليس له علاقة إطلاقاً بالحديث الشريف "من رأي منكم منكراً فليغيره..." وقد قال الله تعالي:"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"

فاتركوا الناس في حالها، ولينظر كل منا إلي نفسه، إلي صلاته، إلي حاله، فسوف يجد الكثير ليُقوم به نفسه أولاً.
إحنا ليه كده !!