إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 19 فبراير 2012


رفقاء تايا – كيف أراهم

بعد حوالي عامين من العمل في شركة ذات طابع ليبرالي، إخواني، علماني، وسلفي في بعض الأحيان، أي أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري الأصيل، وجدت أنني في حاجة إلى الكتابة عن رفقائي في هذه التجربة الجميلة، تجربة عشتها بكل حواسي ومشاعري، بكل حب وانتماء -لا يزال مستمرا حتى الآن- لكل فرد في الشركة، ابتداء من رئيس مجلس الإدارة إلى السعاة، وقد تعلمت منهم الكثير عن الحب الحقيقي والاحتواء ومعنى تقبل الآخر مهما اختلفت معه.

وقررت أن أتحدث عن كل شخص بمنتهي الصراحة، لعلّ آرائي تضيف شيئا لأي أحد.. (مع كامل الاحتفاظ بالألقاب)

وفيق: الشخص الذي يفرض احترامه وحبه على الجميع دون تمييز، الفارس الحق، في زمن لم ولن نسمع فيه عن معنى كلمة فارس ، أو "الجنتل مان" الحقيقي، هذا هو وفيق المصري القبطي، الذي تشعر معه بكل الاحتواء والحب والأمل، مع كل ابتسامة صافية وعميقة من القلب، والحنان الذي يكفي جميع البشر في وقت واحد، هذا الرجل الذي تتعلم منه كيف تتقّبل الآخر مهما اختلفتَ معه، وتتعلم معنى كلمة المصري الأصيل، بكل أخلاقه وكرمه، والأصل الذي تبحث عنه في كل البشر وبالكاد تجده عند القليل منهم، كم أحبه وأحترمه.

أشرف: المسلم الذي لا تعلم إن كان إخوانياً أم معتدلا، هذا العبقري، الذي دائماً يشعرك أنك (حمار) -لا مؤاخذة- ليس لأنك كذالك، ولكن لأنه حقيقة متقدم عنك كثيراً، الشخص الوحيد -بعد أبي رحمه الله- الذي تضحك حقاً عندما تسمع ألفاظا غريبة منه، ولن تشعر بالإهانة أبدا، لأن لديه كاريزما غريبة، تقنعك بأنك بجد حمار!
المدير الذي يشعرك أنك صاحبه، يبهدلك طول اليوم، وينزل يقعد معاك على القهوة والشيشة في آخر اليوم، كأن شيئا لم يكن، صعب إنك تزعل منه من قلبك، غرس حالة من الصداقة والحب بين الكثير من الموظفين، وبصرف النظر عن عشقه للعبقري ستيف جوبز، وبصرف النظر عن شعورك أحيانا بالملل وأحياناً بالإحباط من تاريخ ستيف جوبز لأنك بجد مش ممكن هتبقى زيه! فهو -في نفس الوقت- يشحن طاقتك إلى أقصى درجة، حتى تؤمن من داخلك، أنك تفهم أحسن من هذا الإستيف ألف مرة، يا له من شخص غريب، أدين له بالكثير مما تعلمت.

نهي: القبطية الجميلة، مُزّة المزز على حق، يخرب بيت ابتسامتها وتفاؤلها بالحياة، يعتقد أي مغفل أنها لا تواجه أي مشاكل في حياتها، وأنها في منتهي السعادة، والحقيقة غير ذلك، ولكن قدرتها على إشاعة روح الفرحة والابتسامة هي التي تخدعك دائماً، عندما أراها أتذكر صوت الجميلة وردة، التي أرى أنها المغنية الوحيدة التي تغني وهي سعيدة، فتنقل هذه السعادة إليك عند سماع أغانيها، نهى لديها قدر كبير من التسامح والمحبة والقوة القاتلة التي تلمع في عينيها، مع جملة " صباح الخير" التي تطربنا بها كل صباح، فتجد أنك بحاجة إلى سماع الجملية فيروز، لأن هذا هو الصوت الوحيد غير المحرم عليك سماعه بعد صوت نهى!

حسام: الكاتب الضاحك الباكي، يفاجئك بكل شيء وعكسه في نفس الثانية، تجده ريفيا ساذجا متسامحا وعبيطا لأقصى درجة، ثم تندهش لثقافته وتفتحه في نفس الثانية، وتجده فكاهيا لأقصي درجة، ثم تمتلئ عيناه بالدموع من حجم الآلام التي يشعر بها في قلبه في نفس الثانية أيضا، تشعر أنك تريد أن تصعقه صعقة كهربائية عنيفة حتى يفيق ويعيش على أرض الواقع، الذي يتخيله دائماً يوتوبيا، في حين أنه يدرك بكل عقله، أنه يعيش في غابة، ليس بها أي بشر..غيره، أُكنّ له كل التقدير والعرفان بالجميل، لأنه أول من اكتشف أنني أستطيع أن أكتب أي كلام فارغ يقرؤه الأغبياء، ويقول عليه: "الله كتابتك حلوة".

وسيم: القبطي الجميل، الابن الضال، على طوله وعرضه يناديني بـ"ماما"، ولا أعلم حتى الآن لماذا أشعر حقا أنه ابني! رغم أنه شحط عنده 27 سنة، ولكن يبدو أن الطفولة المرتسمة بجدارة على وجهه، مع حالة الحب الغارق في التسامح من القلب والعطف تجاه أي كلب معدي في الشارع، أيا كان نوعه، هو ما يشعرني بالأمومة معه، الشخص الوحيد الذي تشعر بجد إنك عايز تخبطة بحاجة في وشه وبعدين تحضنه، لأنه ببساطة لا يستحق إلا هذا الحضن الدافئ بكل حب!
يشعرك بالمسئولية تجاهه بالإجبار، وفي نفس الوقت هو قادر على مساعدتك والجدعنة معاك مهما كلّفه الأمر، حتى لو هيروح يجيب لك سرنجة عشان يساعدك على إدمان المخدرات بأمان، وبعد كده يضحك عليك وياخدك تتعالج عنده، يا له من جبروت وشخصية قوية لم تكتشف بعد!

ياسر: أو ابن الناس الكويسين، كما يطلق عليه الزملاء، الشخصية الأكثر غموضاً في العالم، وليس فقط في الشركة، شخصية هادئة، صامتة، يتخيل الكثير أنّه مسالم وطيب و بريء، لكن داخل هذا الشخصية بركان من الغضب أحيانا، ومن القوة أحيانا أكثر، تحتار معه، هل هي حالة من السلام الداخلي مع النفس، أم حالة من التمرد الشديد على كل شيء، أم حالة لم تُكتشف بعد، لا أحد يعلم شيئا عنه إلا القليل، حتى أكاد أزعم أنّه هو نفسه..لم يتعرف على نفسه بعد!

تامر: رفيق الدرب، من أول يوم رأيته، عرفت أنه سيكون صديقا، جدع قوي، ومجنون ساعات، أسهل واحد تصاحبه، لأنك هتعرف من أول يوم كيف تصل إليه عن طريق معدته، بيحب الأكل قوي، لدرجة أنه بياكل أكل كل الناس في الشركة بالخطأ، أو كما يدّعى أنه خطأ، مع أنني أشك في ذلك بقوة، خلي بالك من اللي بالي بالك، لو أكلت أكله تاني، ماحدش هيدافع عنك، وهتاكل علقة سخنة المرة الجاية يا برنس.

علاء بك: الإخواني الأصيل، الذي لا ينتمي إلى أي أحد ولا أي بلد، بل ينتمي للمجهول، أحبه وأكرهه في نفس الوقت، تشعر أي سيدة تتحدث معه أنها مقهورة، لا أعلم لماذا، لديه قدرة غريبة على إقناعك أنك لازم تتخانق معاه، وتضحك بأعلى صوتك من حالة الفكاهة التي يصدمك بها من غير سبب، أهو حاجة كده غربية لم أستطع اكتشافها، وغالباً لن يستطيع أحد ذلك، عندما أتحدث معه في أي موضوع لا يأتي في بالي غير شيء واحد فقط، أن أهمس "الله يكون في عون مراته!"

مي: أو خالة وسيم، كما تطلق على نفسها، شخصية غريبة في كثير من الأحيان، يملؤها حب الأمومة مع كل بني آدم، حالة الأمومة هذه تترجم إلى أشياء كثيرة، ساعات تشعر بها في كوب لبن تشربه صباحاً وأحيانا تشعر بها مع حالة توبيخ لأي شخص معدّي قدامها، بجد ماما قوي، وأحلى لحظات التأمل والضحك عندما تصر على دخول غرفة أشرف وهي مغلقة "علامة على أنه مشغول" ويبدأ الضحك على الحوار الكوميدي بينهما، خاصة عندما تقول له" بابا"، وهو ما يغضبه كثيرا على ما يبدو لشعوره أنه مش كبير قوي كده عشان يبقى بابا لمي!

نادية: شخصية هادئة، جميلة، حّبوبة، تشعر أنها على علم بكل ما يحدث، رغم مكانها في آخر حجرة في الشركة، ولكن هيهات، إنها تعلم كل شيء، وتتابع كل شيء، أحيانا كثيرة تشعرك بالنشاط والأمل، وأحيانا تشعرك أنها ساكنة جداً، على يقين أنها كانت شعلة نشاط في الماضي.

شافعي: رجل جدًا، جدع جدا، أوحش حاجة فيه إنه انتخب الإخوان، وأحلى حاجة أنه ممكن يغيّر رأيه في يوم من الأيام، أعتقد ذالك.

ريهام أو ريري: دلوعة الشركة، الروقان والأنتكة، سايبة الدنيا كلها تضرب تقلب وقاعدة تسمع مزيكا، الوحيدة التي أبكتني عندما رحلتُ، شخصية في عالم غير العالم، تعتقد بكل إيمان أن الصلاة سوف تحل كل مشاكل العالم، متفتحة أحياناً ومتعصبة في حالة واحدة فقط، إنك تجيب سيرة سيدنا بأي رأي مخالف له، تضحكني بكل حب، وتشعرك إنك برضه مسئول عنها، خصوصاً لو حد عاكسها في الشارع، لأن غالبا هتقوله، ربنا يسامحك.

دينا: متعصبة تجاه الإخوان بشدة أعرف أنها تحبني رغم اختلافنا، ولكنها لا تريد أبدا الدخول معي في أي نقاش سياسي أو ديني، لأنها ترى أن الأفضل عدم النقاش، ولها كل الحق والاحترام.

مشمش، طفلة جميلة، لن يعرف أحد من هي إلا أنا وهي، رغم قصر مدة عملها معنا، لكنها تركت أثرا قويا بداخلي، أكثر شخصية مختلفة معي في معظم آرائي، ولكنها أكثر شخصية مستمعة لي حتى آخر كلمة، ابتسامتها الناعمة تشعرك دائماً أن الأمل لن ينتهي أبدا، أشعر دائماً أن شباب مصر بخير قوي، كلما تكلمت معها، وأشعر بكل افتخار أنني تعرفت عليها.

دعاء: الوحيدة المعجبة بأغنية " قلبي ومفتاحه" للعظيم عبد الوهاب، لأ مش أنا اللي مش فاهمة حاجة في الغنا، دي هي اللي بتحب فريد الأطرش زيادة عن اللزوم!

عبده: الشخصية المرسى مطروحية الفوتوجنيكية، أجمل واحد بيطلع في الصور، لدرجة إنّه ممكن يوقّع أي مزّة بالخداع لو شافت صورته قبل ما تشوف الحقيقة المُرّة، أحسن واحد يقلش ويقول كلام رخم تضحك عليه لحد ما قلبك يوجعك من الضحك، ما تنفعش خروجه من غيره، بجد فنان.

ميمي: رغم إني مالحقتش أكتشفه قوي، لكن أعتقد إنه غالباً فنان مجنون ومغمور، مستقبله ينتظره بكل قوة، أنا الوحيدة اللي مش بيزعل منها لما تقول له ميمي.

نورا: شخصية فرقع لوزية، تلاقيها بتتنطط في كل حتة فيكي يا شركة، صعب تلاقيها قاعدة على مكتبها، رغم إنها سوسة شغل، جدعة قوي، أجدع من ميت راجل في الشغل بصراحة.

رنا: تحب تطبطب عليها من كتر طيبتها وهدوئها، مش بشوفها إلا لو كانت عايزة وسيم يطلب لها أكل من برّه، الوحيدة اللي ماعنديش مشكلة إنها تعطل وسيم عشان يجيب لها أكل، ما هو إنت لازم تساعدها بأي شكل عشان تتخن شوية مش كده!

طارق: شخصية سلفية جداً، مع إنه اشتغل معايا شهر واحد، لكنّه أثر فيا وفي كل المكتب، رغم إن الفارق بيننا في التفكير مثل الفارق بين البحر الأبيض والأحمر تقريبا، لكني أحترمه جداً، لأنه السلفي الوحيد الذي تعرفت عليه ولم يضع آراء مسبقة عليّ قبل أن يعرفني، وأعتقد أنه يحترم اختلافنا، وقد أكون غيّرت شيئا في نفسه تجاه من يختلف معه، أتمنى له التوفيق من قلبي.

فاروق ومايكل: المدة كانت قصيرة قوي، لم أتمكن من معرفتكم جيداً، ولكني أحبكم –بما لا يخالف شرع الله J- وأتمنى لكم التوفيق.
حسام الآخر وصابر: شافعي مقفل عليكم أنا عارفة، بس إنتم رجالة جدعة قوي، لو فتحت شركة في يوم من الأيام، أحب أستقطبكم للعمل معي.

تايا، المكان الوحيد بحياتي الذي أشعر فيه بدفء وحنان البيت، أفتقده بشدة...