إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 21 أغسطس 2011

وانتهى شهر العسل يا عزيزة!

كتبت منذ بضعة أشهر أتساءل: هل هناك إمكانية لوجود أي نوع من التحالف أو الاتفاق بين الإسلاميين -بمختلف أسمائهم- والمجلس العسكري، لتسهيل وصول الإسلاميين للحكم في مصر بعد الثورة؟. وما كان يغذي هذا الشك باستمرار، هو الوئام و التوافق والمغازلة الدائمة من قبل الإسلاميين -والإخوان تحديداً- للمجلس العسكري، حتى إنني كنت أسأل نفسي سؤالا لا يقل أهمية: امتى بقى حد فيهم يقلب على التاني؟!
وأخيرا جاء الرد سريعاً، عندما بدأ الغضب على المجلس بسبب استدعاء الناشطة أسماء محفوظ للتحقيق معها في النيابة العسكرية، فقامت جماعة الإخوان بدعم المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية حازم أبو إسماعيل – اللي طبعا مش إخوان خالص!– وإعلان الحرب على المجلس العسكري!
وبصرف النظر عن قضية أسماء، وإحالة المدنيين للمحاكم العسكرية -لأنني أعتقد أن الجماعات الإسلامية والإخوان وأبو إسماعيل، لم ينتفضوا لهذا السبب على الإطلاق، بل وجدوها حجة للانتفاضة، وكسب تأيد الشارع السياسي وشباب الثورة لهم، خاصة بعد أن فقدوا الكثير من التأييد بعد مليونيتهم الماضية- فإن الانتفاضة الحقيقية هي رفضهم المبادئ فوق الدستورية، التي تبنتها جميع القوة السياسية المدنية في الأيام الماضية!
ولأن هذه المبادئ لا تصب على الإطلاق في مصلحتهم، فقد فقالوا "أهي فرصة بقي نعمل نفسنا ضد المجلس طالما سيكون هو ضدنا"!
والدليل على ذلك، عدم انتفاضهم من قبل عندما أعلن المجلس قبل ذالك أن حركة 6 إبريل ممولة من الخارج، وأنهم يعملون ضد مصلحة الوطن، وعلى الرغم من رفض هذا التصريح من قبل جميع الأطياف السياسة في ذالك الوقت، فإننا لم نر أي نوع من البيانات التي تشجب من قبل هذه الجماعات، مع أنه كان الأولى بالرفض إن شئنا الإنصاف!
يعني اشمعنى أسماء اللي زعلتهم قوي كده؟
أم أن هذا جريٌ على عرفهم، من الانتصاف للنساء وحدهم دون أي جنس آخر على كوكب الأرض، وليس "عايز أختي كاميليا" و"عايز أختي عبير" ببعيد!!!
وهل المحاكمة العسكرية للمدنيين أخطر من أن يقول المجلس إن مجموعة كبيرة من شباب الثورة ممولون من الخارج؟
وألم يئن الأوان ليفهم المصريون أن هذه الجماعات إنما تتعامل وفق أجنداتها الخاصة، ولا تسعى لغير أهدافها ومصالحها الشخصية فحسب، دون أن يفكروا ولو لحظة في مصلحة الوطن؟!
ألم يئن الأوان لنعرف من هو الممول حقا من الخارج ويعمل ضد مصلحة الوطن؟
ثم ماذا يعني أن يطالب الظواهري المصريين بإقامة حكم إسلامي في مصر؟
وماذا يعني بالحكم الإسلامي؟
أهو الحكم الذي قاموا بتطبيقه في أفغانستان؟
وهل يرى أن تجربة أفغانستان مثمرة، حتى يريد منا أن ننعم بنفس الثمار في مصر؟
ألا توجد علاقة بين طلب الظواهري وحرب أبو إسماعيل وتنديد الإخوان وتهديد المجلس العسكري؟!
وهل إذا كان المجلس قد حقق مع أسماء محفوظ، قبل أسبوعين فقط، بينما كان الجدل مشتعلا حول المبادئ فوق الدستورية، كان رد فعل الإسلاميين سيكون هو نفس ردّهم الآن؟
فإذا كانت هناك حرب، لابد من خوضها لصالح هذا البلد، فلابد أن تكون ضد هؤلاء، وليس ضد المجلس العسكري، على الرغم من بعض تصرفاته التي لا يجدها الكثيرون منا مناسبة للمرحلة.

الخميس، 4 أغسطس 2011

العجوز التي سوف نحاسب عليها جميعا!!!

تعودت أن أشاهدها مصادفة من حين لآخر، ترتدي نفس الجلباب الأسود، والطرحة التي لم يعد لها لون محدد الآن، فقد مرّ على ارتدائها لها سنوات طويلة، وليست كأي سنوات، ولكنها سنوات من الفقر والحرمان!

واليوم رأيتها تمر بجانب الصندوق الكبير الموجود على جانب الشارع الذي أسكن به، والذي لا يختلف حاله عن الصناديق التي تمتلئ بها شوارعنا جميعا، فهو منتفخ ومقلوب من كثرة القمامة التي تملؤه، وتفيض علي جانبيه!

كانت تتجول حوله أكثر من مرة، بتردد وبقايا كبرياء وخجل يملأ عينيها، لعله كل ما تبقى لها من أيام الزمن الجميل، تنظر للمارة من حولها، حتى تطمئن إلى أن أحدا لا يراها، وهو ما يكون صحيحا بالمناسبة، فلا أحد كان يشعر بها أو رآها، حتى لو تصادف ومر من أمامها بالفعل، لأن الشعور بها -أو بمن كان مثلها- قد أصبح رفاهية لدى بعض الناس!!

أكاد أرى عينيها الذائغتين في كل مكان، فرغم كل شيء، كانت ما تزال تخشى أن يراها أحد، ويديها الصغيرتين المرتعشتين المترددتين، وملامح وجهها التي لا شك تحمل ألمًا عظيمًا، وجوعا أعظم!في النهاية، تستجمع بقايا شجاعتها، التي تخلّفت لديها بعد أن عاشت خائفة من كل شيء، حتى ولو كانت على يقين من أنها لا تملك ما يستحق الخوف عليه، وتبدأ البحث، ليس عن شخص تعرفه هذه المرة، بل عن أي شيء يمكنها أن تأكله من هذا الصندوق الأسود الكبير!!

نعم، كانت تفتش عن أي شيء، حتى ولو كان متعفنًا، حتى ولو كان بواقي البواقي، وقد هانت عليها نفسها لدرجة لم تحاول معها أن تطرد القطة التي مرت بجوار جلبابها، وقفزت للصندوق، تشاركها البحث عن لقمة عيش، وبدت كلتاهما وجهان لعملة واحدة، عملة الفقر والعوز والوقوف خارج طابور اهتمامات أولي لأمر!ظلت السيدة العجوز تبحث طويلا في الصندوق، وتجمع في الكيس الأسود الصغير الذي تحمله، ما تلتقطه يداها من فتات الطعام، وهي تقبض عليه بقوة على الرغم من ضعفها، حتى بدا أنها جمعت ما يكفيها ليومين، فتوقفت، ولعلها كانت تخشى إن هي جمعت ما يكفي ليوم واحد، ألا تقوى في اليوم التالي على مشقة السيرة مرة أخرى للصندوق، فتموت جوعا!

كانت على وجهها الآن ملامح الرضا والامتنان للخالق الوهاب، الذي لم ينس من كانت مثلها، على ضعفه وقلة شأنها، وبينما كانت تهم بالعودة من حيث أتت، بخطواتها المتعثرة، ولهفتها على تناول الكنز الذي اكتشفته، كنت أكاد أسمعها وهي تحمد الله، وتشكره على الستر!!!

كانت عيناي الآن تدمعان، ولا تقويان على متابعة مسيرتها الصامتة أكثر من هذا، من كثرة الألم الذي كنت أشعر به، أكاد أغمضها حتى لا أرى المزيد من هذه الحياة القاسية!

بل وحاولت أن أسرع في خطواتي، حتى أتخلص من تأنيب الضمير الذي شعرت به بسببها، فأنساها بعد دقائق، ولكني لم أستطع الحركة، توقفت قدماي ولم تتمكنا من السير أكثر من بضع خطوات، ثم وجدتني ألتفت إليها مرة أخرى، أتابعها، وأتابع خطواتها الضعيفة، الرقيقة، وأكاد أذهب إليها ولو حتى لحمل الكيس الصغير عنها، ولكنني للمرة الثانية لم أستطع حتى الحركة!!

لقد كان الألم الذي أشعر به من أجلها، يمنعني حتى من إيذائها بعيني، فقد خشيت أن أجرحها، عندما تعلم أنني أشاهدها وهي تبحث في قمامتى لتسد جوعها!!!لقد قتلتني تماما، فلم أعد أقوى على النظر ناحيتها، فلن أتحمل نظرتها وهي تقول لي بعينيها "أنتم الذين تركتموني لأصل لهذه الحال، إن ضميركم وتعاطفكم معي وحدهما لا يكفيان لسد جوعي كل يوم!"

أيتها العجوز العزيزة، معك كل الحق!وسوف يحاسبنا الله سبحانه وتعالى حسابا عسيرا بسببك، وبسبب كل عجوز غفلنا عنها، حتى لم يعد أمامها من وسيلة للتشبث بالحياة إلا اللجوء لصناديق القمامة، في حين تظلين تسعين على الأرض، في شقاء ومعاناة، حتى يحين أجلك، فترحلين غير آسفة على دنيا مثل هذه، تاركة الصندوق خلفك لعجوز أخرى!!!!!!

حاسبوا انفسكم، قبل أن تحاسبوا!