إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 31 مارس 2011

ماتخوّنوش كل مصر!

بعد قيام الثورة والقضاء على رأس الأفعى الكبرى، وجد الشعب المصري أن الأفعى الحقيقية لم تمت بعد، بل ووجد أفاعي كثيرة و ذيولا كثيرة متجهة نحوه! وكلنا نعلم أن من صفات الأفعى أنها لا تنسى أبداً من قام بقتل أفعوانها (الذكر)، وتحاول مرات عديدة الوصول إلى الشخص الذي قام بقتله والقضاء عليه.

ولكي يقضي الشعب المصري على الأفعى، فيجب أن يكون يقظا وواعيا تماماً لما يحدث حوله، والأهم من هذا أن يدرك أين هي الأفاعي، ليتفادى لدغتها ثم يقوم بقطع رأسها.

ولكن الذي يحدث الآن في المجتمع، هو أننا نبحث عن الذيول فقط، في نفس الوقت الذي نتصور فيه أننا نسعى خلف الأفعى!

المظاهرات الفئوية التي تحدث في جميع أنحاء البلاد، سواء كانت من عمال و موظفين، و أحيانا من الأقباط، ما هي إلى محاولات مستمرة لقطع الذيول الخطأ، في حين تظل الأفعى الحقيقية كما هي!

أعتقد أن ما يحدث الآن من هجوم متبادل بين المصريين وبعضهم بعضا، من اتهام بالخيانة والعمالة لكل من يعارض رأي الأخر، بداية من الاختلاف على رئيس الوزراء وقيادات و سياسيين ومرشحين للرئاسة، مروراً بالإخوان ودورهم السياسي بعد الثورة، والتعديلات الدستورية، والذين قالوا نعم والذين قالوا لا، وانتهاء بالخلاف حتى على المجلس العسكري، ورغبة الجيش في الاستيلاء على الحكم
  (على الرغم من قسم الجيش ألف مرة ومرة إنه مالوش نِفس يحكم ومش طايق اللي هو فيه وعايز يخلص منا النهارده قبل بكره) 
ولكننا ما زلنا نخوّن كل هذا، و لا نقبل الرأي الآخر إذا اختلف معنا، و أصبح أسهل شيء أن نوجه أصابع الاتهام لأي شخص معارض بوصفه عميلا للنظام القديم وضد الثورة، حتى وصفنا البعض منا بأنهم (حزب الكنبة) أي الذين لم يشاركوا في الثورة و أخذوها على الجاهز!

ونسينا جميعا -أو تناسينا- أننا كنا ومنذ أقل من شهرين، نشكو أن النظام لا يقبل المعارضة والرأي الآخر، ويقوم بسحق كل من يتعارض معه!!

إن من قام بالثورة هو شعب مصر المخلص الشجاع، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الذي لم يشارك خائن للوطن، ومن حقنا أن نقوم بسحقه وقمع آرائه، وإلا لقام الجيش المصري العظيم الذي ضحى بكل غالٍ وحارب وانتصر عام 73 باضطهاد الشعب المصري (المدني) الذي لم يحارب معه و قال لنا (إنتم أخدتوها على الجاهز!)

أعتقد أن من قال إن الشعب المصري غير مستعد للديمقراطية، كان أجدر به أن يقول إن الشعب المصري الذي عانى القهر طوال خمسين عاما غير مستعد لتقبل الرأي الآخر، دون أن يخوّنه!!

الخميس، 24 مارس 2011

من أنتم؟!


إن الثورة المصرية ثورة مجتمعية، وهي حق لكل مواطن على أرض مصر، ولم تكن أبدا ثورة إسلامية ولا قبطية ولا علمانية، ولا أي تيار ديني أو سياسي أو فكري آخر، وكل مصري له كامل الحق في الحياة علي أرض مصر بسلام وأمان وحرية، ومن حقه أن يتمتع بجميع حقوق المواطنة، وليس من حق أي شخص -أيا كان- أن يطلب من المصريين -أصحاب الأرض الحقيقيين- الرحيل (بالسلامة) كما دعى لذلك الأخ ....يعقوب. 
فهي ليست أرضك وليست مصرك حتى تدعوا أبناءها للرحيل، وتلوح لهم بيدك للخروج من وطنهم يا أخ يعقوب، وعلى طريقة صديقك القذافي، أقول لك: من أنتم؟ وبأي شرع تحكمون؟ وبأي منطق تحاولون أن تصوّروا أن من قال نعم، قد انتصر للدين، ومن قال لا فقد خرج عن الملّة!! 
فمصر ليست السعودية ولا إيران ولا العراق ولا أفغانستان ولا الصومال، وإنما هي مصر وكفى، بأهلها الأقباط والمسلمين الذين عاشوا لمئات السنين يدًا واحدة، متحابين ومتعاونين، حتى جاء أمثالك وحاولوا الفرقة بينهم، لكن هيهات أن يحدث ذلك! 
إنها أضغاث أحلام، ومحاولات ساذجة للعب على مشاعر وعقول المصريين البسطاء، الذين خدعتهم عندما حاولت إقناعهم أن القول بنعم حمايةٌ للدين الإسلامي، فإسلامنا الوسطي المعتدل لم -و لن- يطلب أبدا من صاحب وطن الرحيل عنه، مهما كانت درجات الخلاف والاتفاق بين أفراده! 
والديكتاتورية التي اكتويتم بنارها سنوات طويلة، الديكتاتورية التي كانت تقمع كل من يقول لا، والتي كنت تدافع عنها عندما قلت -أنت وأمثالك- إن الخروج على الحاكم حرام شرعاً، هي نفس الديكتاتورية التي تتبعها الآن، وتبيحها، وتلوّح بها في وجوه معارضيك، لدرجة أن تطلب –ياللعجب- ممن يخالفك الرأي أن يترك لك البلد! 
لقد كنت أكثر قسوة بكثير من نظام مبارك، الذي –رغم كل مضايقاته- تركك في وطنك، ولم ينفك خارجه عندما اختلفت معه، بل وترك لك المجال لتدعوا الناس إلى مذهبك، وترد على منتقديك بحرية! 
والحرب والغزوة الحقيقية لم تبدأ بغزوة الصناديق كما ادعيت أنت، ولكنها ستبدأ عندما نطهّر العقول التي قمت بتخريبها بأفكارك، والنصر والتكبير سوف يكون يوم نتخلص من هذه العقليات والأفكار الغريبة! 
فالدين الحق الذي تعلمناه في الأزهر الشريف المعتدل، بريء من طرد أي مصري من أرضه، بريء من التعصب والتشدد، بريء من الشماتة والجهر بالسوء، بريء من الترهيب والترويع، بريء من المتاجرة في الدين، والدين الحق هو الذي يدعوا أصحاب الوطن للتكاتف ضد الفساد، ومحاربة المفسدين، وليس التكاتف على طرد وسحق من ليس على دينك، أو حتى على دينك ولكنه مختلف معك في توجهاتك وأفكارك. 
والمصريون -الذين وحّدتهم الثورة وفرّقتهم دعواك- يقولون لك من كل قلوبهم: إن  لم يكونوا يعجبونك –بكل ما هم عليه من اختلاف واتفاق ونقاط ضعف ونقاط قوة وإسلام ومسيحية- فلترحل أنت بالسلامة.. غير مأسوف عليك. 
نشر في جريدة الدستور الأصلي - 24 مارس 2011
http://www.dostor.org/opinion/11/march/23/38705

الاثنين، 21 مارس 2011

لا مرحبا بالتعليم المجاني!

لا مرحبا بالتعليم المجاني!

أعتقد أن بداية قصة التعليم المجاني الحقيقية، قد بدأت في عهد الرئيس عبد الناصر، ضمن محاولاته الكثيرة لفرض فكرة الاشتراكية الفاشلة، من وجهة نظري!

ومنذ ذلك الوقت، وقد أخذت فكرة التعليم بالمجان منعطفا أخر مغايرا للتطبيق الصحيح للتعليم المجاني!

ومن وجهة نظري فإن التعليم المجاني هو التعليم الإلزامي أو الابتدائي كما يطلق عليه، أما التعليم الثانوي العام و الجامعي فلا يجب أن يكون مجانيا على الإطلاق.

فنحن الآن نجد ملايين الشباب الجامعي يعملون في أي شيء غير الشهادة الجامعية، ليس لأن هناك بطالة فحسب، ولكن لأن هناك بطالة نوعية. والفرق بين البطالة العادية والنوعية، أن هذه الملايين التي تتخرج قي الجامعات المصرية سنوياً، أكثر من نصفها لا يفقه شيئا على الإطلاق، بل وليسوا مؤهلين للعمل بهذه الشهادة في الأساس، لذلك يضطرون للعمل في مختلف الأعمال، مثل الأمن الخاص، والمحال التجارية و غيرها من هذه الوظائف التي بالقطع هي أعمال محترمة و مهمة جداً، ولكن السؤال هنا، لماذا مايزال هؤلاء مصرّين على التعليم الجامعي حتى الآن؟

هل لأنها بلد شهادات كما وصفها عادل إمام منذ أكثر من أربعين عاماً، وهل مازلنا بلد شهادات أصلا؟!

نعم، نحن ما زلنا ننظر للشخص الحاصل على تعليم متوسط أو تجاري أو صناعي على أنه قليل المستوى، رغم أننا في أمسّ الحاجة إلي هؤلاء الصناع والحرفيين قبل الشباب الجامعي، أو على الأقل بنفس درجة الاحتياج، ولأن فرص عملهم سوف تكون أفضل ألف مرة من فرص عمل الحاصلين على شهادة جامعية لا معني لها، لأنهم بالفعل لم يكونوا مؤهلين لمثل هذا النوع من التعليم!

إذن..فمن يستحق التعليم الجامعي، هل هم الأغنياء فقط؟

بالطبع لا، بالرغم من أنني أرى أن التعليم الجامعي يجب أن يكون مدفوعا، ومرتفع التكاليف أيضا، حتى يستطيع الطالب الحصول على مستوى تعليم جيد وحقيقي ومواكب للعصر والتكنولوجيا وسوق العمل، ولكنني أرى أن التعليم الجامعي المجاني يجب أن يتوفر لغير القادرين شريطة التفوق.

ولنضع تحت كلمة التفوق هذه ألف خط، فالطالب المتفوق على حق والذي يسعى إلى التعليم الجامعي لأنه على يقين تام من أنه سوف يضيف الكثير للمجتمع بهذا العلم والشهاده التي يحصل عليها، ونصبح على يقين من أنه إذا خرج إلى سوق العمل، سوف يضيف الكثير وينجح فيما يسعي إليه.

هذا النموذج هو فقط من يستحق الحصول على أفضل مستوى من التعليم الجامعي المجاني، أما من يدخل الجامعة فقط لكي يكون حاصلا على شهادة عالية بين أهله وجيرانه، فهو فقط يحصل على حق غيره في التعليم، ولا ينفع نفسه ولا المجتمع، ولا يحتاج إليه سوق العمل، بل يخلق المزيد من البطالة النوعية، والمزيد من الإحباط نتيجة عمله في أعمال يعتقد خطأ أنها أقل مما يستحقه، وأقل من شهادته الجامعية، وأن المجتمع ظلمه، بالرغم من أنه هو الذي ظلم نفسه!!

نحن بحاجة إلى أن نعرف ونتعلم أن المجتمع الناضج والمتقدّم، لن يتقدم إلا مع وجود الصناعة إلى جوار التكنولوجيا، وأننا بحاجة إلي الصناع والحرفيين و المهرة بقدر حاجتنا إلي خريجي التعليم الجامعي، التعليم الحقيقي وليس المستوى الرديء الذي يفرزه التعليم المجاني الحالي!

إذا فرضنا أن نحو 100 ألف طالب ينضمون إلى الجامعات الحكومية سنويًا، وأن أقل من نصف هذا العدد فقط قادر على التحصيل وتنمية نفسه في الجامعة وبعد الجامعة، فسوف نضمن أن لدينا 50 ألف طالب ناجح وقادر على المنافسة في سوق العمل، لأن مستوى التعليم سيكون أفضل بكثير، وفرص التحصيل والتطبيق العملي بجانب النظري سوف تكون أكبر، وبالتالي يستطيع المنافسة بقوة أكبر وتتم الاستفادة منه.

أما الـ50 ألف الآخرون فإذا اقتنعوا أن اتجاههم للمهن الحرفية والصناعية سوف يتيح لهم فرص أكبر للمنافسة في المجال الذي يستطيعون المنافسة فيه، وبالتالي خلق فرص أفضل لهم ومستوى معيشة أكثر تميزا، فسوف يأخذون هذه الخطوة، فجميع مصانع مصر تحتاجهم بشدة، وهو ما سوف يحقق استفادة أكبر من شباب مصر، في ظل احتياجنا المتزايد للأيدي العاملة والمنتجة.

أنا أعتقد أن مصر اليوم وخاصة بعد الثورة المجيدة، تحتاج إلى تشييد المزيد من المصانع، وإعادة بناء الفكر الصناعي الذي افتقدناه كثيرا بعد ثورة التأميمات التي لم تخلف إلا نقصا في العمالة والعمال، بالإضافة للأعداد الهائلة من الموظفين الحكوميين الذين لا يفعلون شيئا تقريبا إلا مزيدا من البيروقراطية والتعقيد، وتعويد الشباب على التطلع الذي لا معنى له لتعليم جامعي قد لا يكونون في حاجة إليه على الإطلاق.

وهو في النهاية مجرد رأي.