إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 11 ديسمبر 2011

الليبرالية ليست كفرا يا من لا تقرأ!

أن تميل إلى فكر معين، سواء كان دينيا، أو ديمقراطيا أو ليبراليا أو علمانيا، فهذا ليس عيبا على الإطلاق. 

أن تختلف أو تتفق مع الآخرين حول الأفكار، فهذه سنة الحياة، والرحمة في الإختلاف! 

أما أن تكفّر وتسفّه من فكر أحد -مهما كان- فهذا هو التشدد، أو تدّعي أمورا ومفاهيم غير صحيحة على الإطلاق في أفكار واتجاهات الآخرين، فهذا هو الجهل بعينه! 

ونحن نلمس جميعا -منذ إتاحة حرية التعبير بشكل أكبر في مصر بعد الثورة- حالة من الاختلاف الشديد في الآراء بين كل أطياف المجتمع، وهذا لا يقلقني في حد ذاته، ولكن ما يرعبني حقا هو جهل وتكفير بعض التيارات الدينية لمن يخالفها الفكر، وما يقابله من الجهل المتفشي في بعض المتعلمين كذلك! 

فعندما تجد شخصا جاهلا يقول إن الليبراليين كفرة، فأنا شخصيا أعذره، لأنني أشعر أننا جميعا أسهمنا بقدر لا بأس به في جهل هذا الشخص، عندما سكتنا عن فساد الحكومات السابقة، ووافقنا ضمنيا على بقاء الجهلاء على حالهم، وقلنا لأنفسنا بشكل مباشر أوغير مباشر: "وأنا مالي"، وقد حان الآن وقت دفع ثمن جهلهم مهما كان غاليا! 

لكن أن تجد متعلما -مهندسا أو طبيبا أو موظفا محترما- يقول إن الليبراليين كفرة، فتلك هي المصيبة الكبرى! 

ومنذ أيام وجدت أحد الأصدقاء قد أضاف فيديو على الفيس بوك لسيدة في مجلس الشعب التونسي، وقد علقت الجلسة من أجل الصلاة، ومكتوب بلهجة تهكمية بجانب الفيديو: "هل يوافق الليبراليون في مصر على تعليق جلسة من أجل الصلاة؟! 

وهذا التعليق لا معنى له إلا اعتقاد هذا الشخص –وغيره- أن الليبرالية تعني قلة أو انعدام الدين!! 

والسؤال الآن: هل يعرف هؤلاء حقا معنى ومفهوم الفكر الليبرالي؟ بالطبع لا! 

الليبرالية مذهب سياسي وحركة وعي اجتماعي، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، وهى تختلف وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها، أي أن الليبرالية في أمريكا تختلف عنها في روسيا أو في مصر أو في أي بلد آخر، وفقا لنظام وتقاليد المجتمع الحالي. 

وقد تختلف أيضا في نفس البلد الواحد على مر العصور، مثال ذلك: المجتمع المصري في الخمسينيات والستينيات مختلف عن الآن تماما، فوقتها كان طبيعيا أن ترتدي السيدة فستانا قصيرا في المواصلات العامة، ولا يقوم أي شخص بالاعتداء عليها لفظا ولا فعلا، أما الآن فهذا غير وارد على الإطلاق، نظرا لاختلاف نمط المجتمع الحالي، فمفاهيم الليبرالية تختلف من زمن لزمن. 

والليبرالية أيضًا مذهب سياسي واقتصادي، ففي السياسة هي الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية بشرط عدم الإخلال بالقواعد الحاكمة للمجتمع. 

ولذلك فإن الليبرالية لا تهتم بسلوك الفرد، مادام لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار، فأن تكون منفلتا أخلاقيا فهذا شأنك، ولكن أن تؤذي بانفلاتك الآخرين فهذا ليس شأنك، وأن تكون متدينا أو ملحداً فهذا شأنك أيضا، ولكن أن تنشر دعواك المغايرة لهذا المجتمع فهذا ليس من حقك! 

خلاصة القول، أن مبدأ الليبرالية هو حرية الفرد في الاعتقاد، وفي السلوك الشخصي وفي جميع أنماط الحياة الخاصة به، دون أن تتعدي على حرية وأنماط حيوات الآخرين، وفي رأيي فإن هذا هو جوهر الإسلام، فقد قال الله تعالي (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فقمة الليبرالية تتجسد في هذا الآية القصيرة العميقة بكل معاني الكلمات! 

أما أن تعتقد أن الشخص الليبرالي كافر، أو لا يصلي، أو لا يؤدي فرائض دينه، فعليك أن تصمت إلى أن تعرف وتفهم وتعي جيدا. 

إن من أهم مفاهيم الليبرالية ترك الفرد وشأنه مع ربه سبحانه وتعالى، دون أن تنصب نفسك حكما على النوايا، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يحاسب على النوايا، ولذا فإن اللبرالي لا يخشى إلا الله ولا يهتم بما دون ذلك أبدا. 

فعلى كل مسلم ينشر الدعاوى الكاذبة والمغايرة للحقيقة أن يقوم بتفعيل معني أول آية من آيات القران الكريم وهي "اقرأ" اقرأ قبل أن تتهم الآخرين بالباطل، وتنشر فكرا كاذبا! 

هناك تعليق واحد:

  1. حان الآن وقت دفع ثمن جهلهم مهما كان غاليا

    ردحذف