إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

هو إحنا ليه كده!!! الجزء الثاني

بعد أن تخرجت في المدرسة الثانوية –الراهبات - التحقت بجامعة الأزهر للغات والترجمة، وقد كان مقررا علينا حفظ القرآن الكريم طوال الخمسة أعوام، بمعدل خمسة أجزاء في العام الواحد، ولأن الدراسة لم تكن سهلة، وتحتاج للكثير من الوقت، فقد كنا نحمل المصحف معنا دائمًا، وفي كل مكان، إلى أن نجد وقتا متيسرا في اليوم فنقوم بالمراجعة والحفظ.

ولأنني لست محجبةـ فقد كنت أعاني معاناة شديدة للقيام بهذه المهمة خارج البيت، لماذا؟ لأن المجتمع حولي لا يقبل بأي حال أن يري فتاة غير محجبة تحمل المصحف وتقرأ فيه! وكأن المحجبة غير مؤهله لقراءة القرآن، أو لا يجوز لها حمل المصحف!!

ومن ثم فقد كنت أتعرض لانتقادات عديدة، من الجميع في المواصلات العامة، وخاصة مترو الأنفاق الذي اعتدت استخدامه كثيرًا في هذه الفترة، حيث كنت أذهب من مصر الجديدة للمعادي أكثر من مرة في الأسبوع، ولأن المسافة طويلة، فقد كنت أحاول الاستفادة من الوقت في مراجعة القرآن، ولكن كيف يمكن للمسلمين المتدينين أن يسكتوا على مصيبة قراءة فتاة غير محجبة للقرآن؟

لذا كنت أتعرض كثيراً للانتقاد واللوم من جميع طوائف الشعب، في عربة السيدات بالمترو: "هذا لا يجوز يا آنسة، حرام قراءة القرآن وأنت عارية الرأس" –كما لو كنت عارية الجسد!

لكن: هل كنت سأتعرض لسماع مثل هذا الكلام لو كنت أستمع إلي الموسيقي مثلاً؟ بالطبع لا، فحتى هؤلاء الذين يؤمنون أن الموسيقي حرام، لم يكونوا يجرءون على منعي من الاستماع إليها، أما إذا حاولت أن أقرأ القرآن -وهو الحلال بعينه- فإنه حرام !!

وفي نفس هذه المرحلة، وبينما كنت أواظب علي صلاة التراويح بالمسجد، لم أسلم يومًا واحدًا من انتقادات مماثلة، على الرغم من أنني كنت أدخل الجامع بحجابي، ومع ذلك فقد كنت أجد الكثير من النساء يتطفلن عليّ ببعض النصائح الغالية وبعض الأسئلة مثل، "هل أنتِ محجبة؟ هل تأتين كل يوم؟ هل تختمين القرآن في رمضان؟" بل وكثيرًا ما كنت أجد من تقوم بنغزي في أثناء السجود مثلاً، رغبة منها في تعديل طريقة سجودي التي تظن أنها خاطئة، مثل عدم ملامسة مرفقي للأرض لأن هذا لا يجوز في الصلاة، أو الانحناء أكثر في السجود، أو وضع يدي اليمني علي اليسرى، وما إلي ذلك من أمور أطلق عليه الدكتور علي جمعة ذات مرة أنها هيئة من هيئات الصلاة، أي أنها لا تبطلها أبدًا، ولا تعد أمرا يستدعي أن تقوم السيدات المسلمات بتنبيهي له في أثناء الصلاة نفسها!
 
ومع أنني كنت أتقبل الأمر في البداية، فقد ضقت ذرعا بكل هذا التطفل في النهاية، مما انعكس على عدم انتظامي في الصلاة في المسجد!

وحتى لا يعتقد أحد أنني لا أقبل اللوم ولا أرحّب بالتعليقات، فقد وجدت جميع البنات من أصدقائي غير المحجبات تتعرضن لمثل هذه الأشياء أيضا في المساجد والشوارع!!

فلماذا لا نترك الناس وشأنها؟ أي شرع هذا الذي يشرعونه؟! أنا لا أنكر أنه من الأفضل قراءة القرآن مع تغطية الرأس، ولا أنكر أنه من الأفضل القيام بالصلاة بأفضل شكل ممكن، ولكن ألا يعتقد هؤلاء أن مثل هذه الطريقة المُنفّرة قد تؤدي إلي نتيجة عكسية، وبدلا من إصلاحي كما يتوهمون فإنهم قد قاموا بتنفيري !!

إلي كل من يفعل ذلك بشكل أو بآخر، اعلموا جيداً أن ذلك ليس له علاقة إطلاقاً بالحديث الشريف "من رأي منكم منكراً فليغيره..." وقد قال الله تعالي:"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"

فاتركوا الناس في حالها، ولينظر كل منا إلي نفسه، إلي صلاته، إلي حاله، فسوف يجد الكثير ليُقوم به نفسه أولاً.
إحنا ليه كده !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق