إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 16 ديسمبر 2010

رفاهية الخوف

أشاهد يوميًا في طريقي من عملي إلى المنزل، فتاة -من ضمن كثيرات منتشرات في الشارع المصري- تبيع المناديل، وهي للأسف معاقة، وتعاني من مشكلة في قدمها، ولذا فهي تجلس دائما على الرصيف بجوار إشارة المرور.
واليوم شاهدت بجوارها كلبا من كلاب الشوارع الضالة، يبحث عن أي شيء يأكله بلا فائدة، ومع أنني أخاف الكلاب، خاصة الضال منها، فإن الفتاة لم تخف منه، ولم تُحرّك ساكنًا حتى عندما قام بشمشمة الأرض بجوارها!
 
وبعد أن اندهشت لثانية أو ثانيتين، تذكرت أن هذه الفتاة تفترش الشارع طوال اليوم، وفي الغالب تنام فيه أيضا، أو في أي شارع مجاور، وتتعرض يوميًا بالطبع لجميع كلاب الشوارع، من فصيلة البني أدمين قبل الحيوانات، ووجود كلب ضال -أو مصاب بالصرع حتى!- لا يعد مشكلة بالنسبة لها على الإطلاق!
وبدأت -دون قصد- المقارنة بين حالي وحال هذه الفتاة التي تقاربني في العمر، فوجدتني أنعم بميزة كبيرة، لم أكن أشعر بها أو أفكر فيها قبل ذلك أبدًا، وهي حق الشعور بالخوف، نعم لقد أصبح حتى الخوف نعمة ورفاهية، لكن ليس لجميع مواطني هذا البلد، وإنما لبعضهم فقط، والذين ليس من ضمنهم الفقراء والمحتاجين!

فهذه الفتاة ليس لها الحق في الخوف، لأنه لا بديل لديها إذا شعرت به، وهي تعلم جيداً أنها إذا تجرأت وأحست به لبضع دقائق فقط، فسوف تحكم على نفسها بالموت خوفاً من الغابة الكبيرة التي تعيش فيها في هذا الشارع، دون أهل، دون عائل، دون مثوى أو ساتر، ودون أمل في غدٍ أفضل، وبلا شيء على الإطلاق!!!

وشعرت أنا الأخرى بخوف شديد، لكن ليس من الكلب، ولكن عندما تيقّنت أننا جميعاً مسئولون عن هذه الفتاة وغيرها، مسئولون أمام الله سبحانه وتعالى قبل أنفسنا؛ لأننا تركناهم هكذا، لا يستطيعون أن ينعموا حتى بالأمان الذي هو أقل حق من حقوق الحياة.

وتيقنت أن هذه الفتاة وغيرها لا يقدرون في هذا الزمن علي رفاهية الخوف !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق