إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

عقول أمة اقرأ التي لا تقرأ!

كتبت منذ أيام مقالا نشر على موقع الموجز عن مشكلة زواج البنات فى سن التاسعة (المقال:هند جمعة تكتب: أيها الأطفال: تزوّجوا فى التاسعة خيرًا لكم!) ، وكيف أنها عادة وظاهرة متفشية فى المجتمع المصري منذ سنين، بسبب الجهل والفقر، ثم ذكرت أن المشكلة الكبرى فى فتاوى بعض رجال الدين (المتأسلمين برضه) فى إباحة الزواج فى هذا العمر الخطر، مع أنها متاجرة بالأطفال.

لم أذكر اسم شيخ بعينه فى المقال، ليس خوفا من أحد، ولكن لأنه ليس شخصا واحدا (يا ريت!) بل هم شيوخ وشيوخ وشيوخ، لن يمكنني حصر عددهم أبدا.

المؤسف -والعادي فى نفس الوقت!- هو رد فعل بعض الأشخاص الذين توهّموا أنهم قرأوا المقالة، وأنا متأكدة أن أحدا منهم لم يقرأ، أو على الأقل لم يقرأ بعقله، حيث بدأوا يسنّون سكينا على رقبة تلك الكاتبة المتبرّجة -على حد تعبيرهم!- ويكيلون لها الاتهامات من كل صنف ولون، لكن الأكثر مدعاة للأسف أن بعض التعليقات السخيفة جاءت من فتيات، أى أن لدينا فى مجتمعنا بنات توافق على زواجهن أو ذويهم في سن التاسعة!

أما المثير في الأمر، أن معظم التعليقات كانت عن أشياء لا علاقة لها بموضوع المقال، حيث اتهمني بعضهم بالكذب وبأني مضللة، ووصف الإعلام بالكاذب والصحافة بالصفراء، رغم أني بالمناسبة لا صحفية ولا كاتبة، وإنما مجرد شخص يعيش فى هذا الوطن ويطرح مشكلة كبيرة للنقاش، مهما اختلفتَ أو اتفقتَ معى، ما علاقة شخصي وشكلى وزواجى وحجابى من عدمه بالمشكلة؟!



لكن -من خلال هذه التجربة- تأكدت أكثر أن المشكلة يا سادة ليست فى شكلى الشخصي، ولا فى عقل هذا الشيخ أو غيره، وإنما فى عقولنا نحن، وفى كلمة "آمين" التي لا يجب أن تقال لأي كائن لمجرد أنه بذقن ويدّعى أن عنده علما من عند الله، فيأتي ليعبث بعقولنا وأطفالنا كما شاء ويرضي غرائز مريضة تشمئز منها القلوب!


المشكلة ليست فى الفتوى، ولكن فيمن يقول "طالما الشيخ قال هذا فرأيه يحترم" (تعليق من التعليقات المريضة)!

لا يا أخى هذا الرأي لا يُحترم، نحن أمة اقرأ، وأمة اقرأ لا يجب أن تكون بهذا الجهل، فلديها من الكتب والمعارف والعلم ما يقيها الوقوع في هذا الوهم، أو الانصياع وراء أي أحد دون دراسة وتمحيص لكل كلمة يقولها، ورؤية موقعها من شرع الله عز وجل.

المشكلة ليست في الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، وليست فى مشكلة العنوسة التي كان بالأحرى مناقشتها بدلا من كارثة زواج الأطفال فى سن التاسعة -كما نصحتني إحدى القارئات- ولكن في كارثة استسهال ضياع عقول بناتنا والقضاء على طفولتهن البريئة والتخلص منهن من أقصر طريق، لأنهن لن يتحملن جسديا ولا صحيا الزواج والحمل والإنجاب وتربية أطفال أصغر منهن بتسعة أعوام، كان من الممكن أن يلعبوا معهم فى نفس الشارع!

المشكلة في كارثة السمع الطاعة التي يخضع لها أغلب الشعب المصري الآن!

عملية القضاء الممنهج والمنظم جدا من قادة هذا البلد على جميع عناصر المجتمع، بداية من الأطفال بالتخلص من عار أجسادهم مبكرا، مرورا بإطفاء روح التديّن الكاذب والمقنع لشعب نصفه لا يجد أساسا قوت يومه، ليبحث عن بديل للدخل عن طريق زواج أطفاله من عجائز باسم الجوع وتحت شعار الدين (الذي يسمح بذالك فى ظنهم الخاطيء)، وأخيرا تهجير النخبة الباقية من الشعب المتعلم الذي لن يستطيع التواجد فى هذا الوطن ورؤية هذا الشذوذ حولهم أكثر من هذا، لتنتفع بعقولهم جميع بلدان العالم التى لا تهتم بأجساد الأطفال، وتقنن الاغتصاب بالقانون، بحجة التخلص من الوقوع فى الرزيلة!

وإني أسأل كل من يظن أنني أتهم الشيوخ بالباطل، أو أنني ضمن كتيبة الإعلام الكاذب المضلل، كل من يرى أن هناك أولويات كثيرة للكلام عنها أهم من مصيبة تقنين اغتصاب أطفالنا باسم الدين: هل بقى لهذا الشعب من أمل في حياة أفضل بعد كل هذا؟ هل حقا نصدق أن لنا مستقبلا نسعى اليه ونعيش من أجله بعد العبث بأجساد صغارنا؟

سؤال أخير لكل أب وأم يعيشان على أرض هذا الوطن: هل حقا ترضون لأطفالكم هذا القرف تحت أي مسمى؟

إذا كانت الإجابة بنعم، فلتسرعوا إذن بالبحث عن عجوز ما لتزوجوه لطفلتكم لتضمنوا دخول الجنة!

هناك تعليق واحد:

  1. 111

    150

    هند الجميلة
    تحية طيبة وبعد
    لتجتنبي أي مناورات من الآخرين عند مناقشة أي قضية يجب أن تقفي على أرض صلبة أولاً بذكر مصادر القضية مثل تصريحات محمد سعد الأزهري عضو اللجنة التأسيسية للدستور حول السماح بزواج البنت في سن التاسعة، وفتوى الشيخ محمد المغراوي المغربي بذلك وكذلك فتوى الشيخ أحمد المعبي السعودي وأيضاً الشيخ محمد صالح المنجد بإباحة الزواج من الصغيرات
    بداية، فهناك نوعان من الاعتقاد: الأول هو الثقة الكاملة بالعلوم الشرعية وتسليم كافة مفاتيح العقل والتفكير إلى أهل العلم ، بالتصديق الكامل لكل ما يفتون به ، نظراً لخبرتهم وعلمهم الغزير الذي ينقص الآخرين ويجعل رؤيتهم محدودة بالمقارنة بهم، وهذا النوع لا بأس به بشرط التأكد من الاعتماد على علماء أهل ثقة بالفعل واختيارهم بعد التأكد منهم قبل التسليم بما يقولونه والاعتقاد به بشكل مطلق.
    والنوع الثاني يكون بعدم منح الثقة المطلقة للعلماء ، وعدم الاعتماد عليهم في تحديد العقيدة، بل الاعتماد الكامل على البديهة والعقل والمنطق في تحكيم الأمور
    كلاً النوعين له إيجابيات وسلبيات، فالنوع الأول يرتكز على مبدأ الانطلاق من حيث انتهى الآخرون بالإجماع ، والنوع الثاني يعتمد على النظرة الشخصية التي قد تكون محدودة وقد تخطيء وتصيب كذلك.
    وأنا اتفق معك في هذا الأسلوب للدراسة والتمحيص، سواءاً كانت نتائجه صائبة أم خاطئة ، لأنه أفضل بكثير من تعطيل العقل ، ويبدوا أن منهجك الفكري يقترب كثيراً من منهج الكثير من المفكرين عند مواجهة الواقع ؛ وتعارضه مع بعض الأمور التي يقررها علماء الشرع والدين، مثل المفكر الاسلامي عبد الصبور شاهين رحمه الله والذي واجه معارضه شديدة وهجوم الآلاف من منتقدي هذا النوع من الفكر ؛ فعند إصداره لكتاب (أبي آدم) والذي يطرح احتمالاً لصحة نظرية التطوّر ، ووجود نصوص من القرآن الكريم تؤيدها، ولا تتعارض معها، رفض الأزهر مراجعة وتصديق الكتاب، وسُحب الكتاب من الأسواق فور إصداره، وكاد عبد الصبور أن يتعرض للاغتيال لجرأته في مناقشة العقيدة، وغيره الكثيرون.
    وبصدد الموضوع الذي تناقشيه كانت هناك قضية شبيهة أثارت الجدل في ثمانيات القرن الماضي ، وهي تكفل بعض الأمراء من دول الخليج بالأطفال اليتامى أثناء زيارتهم لمصر واصطحابهم من دور اليتامى إلى الخارج، حيث يتكفلون بتربيتهم وتعليمهم هناك، ليترعرعوا على أيديهم ويصبحوا عبيداً وجواري في شبابهم؛ وأثارت هذة القضية انتقاداً شبيهاً وقتها لارتباطها بقضية كفالة اليتيم وثوابها الجنة، وتدخل بعض الشيوخ للإشادة بكفالة اليتيم وإباحتها ؛ بل والثناء على فاعليها !
    أي أن مثل هذة القضايا الشائكة لا تنتهي، وسنواجه الكثير منها الآن وفي المستقبل، لهيمنة الاخوان على الحكم في البلد، وكذلك كثرة أعداد الدوجماتية ، وتفوقهم من حيث الغلبة على أصحاب الفكر عددياً.
    والحقيقة تثبت أن مواجهة الدوجماتية لا تسفر إلا عن مزيد من العناد والتعصب والكراهية منهم ، وتتطور غالباً إلى العنف والإيذاء المعنوي وربما الجسدي للمفكرين، بالإضافة إلى نبذ المجتمع لهم ، وتعطيله لدورهم ، وانتقاصه من قدرهم بتأثير الدوجماتية كقوة مهيمنة طاغية ، وهذا ما أخشى أن يحدث لك عزيزتي بمرور الوقت إذا استمررتي في طرح القضايا بهذة الجرأة ،
    فأرجو أن تتحفظي على نشر صورتك أولاً عند كتابة مقالاتك، وأن تستخدمي اسماً مستعاراً للكتابة ، وهذا لا عيب فيه ولا ضرر منه، بل أن العديد من الكتاب المشهورين يستخدمون screen name يختلف عن اسمهم الحقيقي للحفاظ على خصوصياتهم والوقاية من المضايقات في حياتهم الشخصية،
    وأخيراً توجد طريقة احترافية لطرح أي قضية للنقاش يستخدمها كبار المفكرين والكتاب وتعتمد على أربعة أركان أساسية:
    1- لماذا : أهمية الموضوع وسبب مناقشته وفائدته أو ضرره للجمهور
    2- ماهو الموضوع: تعريفه وسرد تاريخه وشرحه
    3- الحلول والعلاج وكيفية التعامل مع الموضوع بخطوات عملية محددة وواضحة
    4- (ماذا لو) سيناريوهات أخرى للقضية وأسئلة وأجوبة
    هذة الأركان الأربعة يستخدمها المحترفون في الكتابة والصحافة ، وتجعل طرح الموضوع متكاملاً ، ويمكنك استخدامها لطرح القضية بشكل احترافي يغطي كافة الجوانب
    ولا تنسي ذكر مصادرك أثناء الكتابة لكي لا تلقي اتهامات جزافية بالكذب أو التضليل

    تحياتي لك مرة أخرى وإلى الأمام :)

    ردحذف